د/ محمد سالم مقلد مقدمة :
عرفت مصر إنتاج القمح واستهلاكه منذ القدم ، حيث سادت ظروف الإنتاج الزراعي للعروة الشتوية التي كانت أساس الدورة الزراعية منذ عهد الفراعنة ، وقبل أن يضاف إلى جانبها العروة الصيفية بعدة آلاف من السنين ، خاصة بعد ضبط النيل والتحكم فيه بصورة تامة ببناء السد العالي ، فمنذ ذلك الحين كانت مصر موطناً لإنتاج واستهلاك القمح ، والآن يعتبر القمح فى مصر أهم الحبوب الغذائية المعاشية ، وأضحى الإنسان المصري الأكثر استهلاكا فى كمية القمح بين جميع مستهلكي القمح فى العالم ، بل ومنتجيه الذين يزيدون عن 108 دولة حول العالم وفى نطاقاته المختلفة.
واحتوت مائدة الطعام على مكونات القمح ، ناهيك عن باقي الحبوب الغذائية الأخرى بصورة ملفتة قد لا تتكرر فى دول العالم الأخرى لمن يدقق ويهتم بهذا الأمر ، وأصبح هذا الأمر يمثل عبئاُ على التجارة الخارجية ، ومن ثم أثر بصورة سلبية على وضع الأمن الغذائي المصري .
ويواجه المصريون فى الفترة الحالية – خاصة فى عام 2008 - أزمة حقيقية عند الحصول على رغيف الخبز ، الذى يتم إنتاجه أساساً من القمح وبعض من الذرة . هذه الأزمة كانت جديرة بأن تهدد بقاء الحكومة الحالية – بناءً عن توقع كثير من المحللين والساسة ، بسبب تعثرها فى وضع حل أمثل لهذه الأزمة ، التى شملت أنحاء مصر من أقصاها إلى أقصاها ، حتى تناولتها مجموعات من الخبراء ووسائل الإعلام الداخلية والخارجية بالمسح الدقيق والنقل والتعليل والتفسير والنقد ، ووصل الأمر إلى أن دعى رئيس الجمهورية القوات المسلحة للتدخل والمساهمة فى حلها
وعلى الرغم أن البعض يرى أن ما واجهه المصريون مؤخراً من أزمة فى الحصول على الخبز ، إنما يعود إلى تعثر فى التوزيع المناسب والعادل لرغيف الخبز على كل السكان فى كل الأماكن بعد تدبير القدر الناقص عن قدرة الإنتاج بالاستيراد من الخارج( )، إلا أن الزيادات المتتالية فى الأسعار العالمية للقمح من شأنها أن تلقى العبء الأكبر على الحكومة المصرية عند تدبير احتياجات السكان من الخبز ، الأمر الذى يمثل قصوراً فى القدرة على تحقيق الأمن الغذائي للسكان.
ومن هنا فقد فرضت هذه الظروف تساؤلين سوف يتم الإجابة عليهما من خلال دراسة هذا البحث هما :
* السؤال الأول : ما السبب الذى أدى إلى زيادة الفجوة بين إنتاج واستهلاك القمح التى تمنع تحقيق قدر جيد وملائم من الأمن الغذائي خاصة فى السنوات الأخيرة ؟.
* والسؤال الثاني : ما هى إمكانيات وقدرة الزراعة المصرية على تحقيق قدر من الأمن الغذائي للسكان فى استهلاك القمح؟.
وقد استخدم الباحث خلال دراسة هذا البحث المنهج الموضوعي ، إلى جانب المنهج التاريخي فى بعض الأحيان ، حتى يمكن تتبع نشأة الظاهرة منذ البداية وما توصلت إليه من آثار . وذلك لسهولة التعرف على إمكانية وضع حلول لهذه الأزمة من خلال النظر والتأمل فى طبائع استهلاك عدة دول مشابهة لطبيعة الاستهلاك المصرى وأخرى غير مشابهة.
أسلوب استهلاك القمح فى مصر أزمة مزمنة :
تحتاج محاولة سد العجز من القمح لتوفير حاجة استهلاك الشعب المصري منه إلى ما يعادل الثلثين من قيمة الدعم الذى تقرره الدولة لمجمل دعم الغذاء تقؤيباً ، ويزداد الأمر صعوبة مع الاستمرار فى الاعتماد على القمح كأهم عنصر غذائي على مائدة الفرد المصري وخاصة الفقراء منهم ، إضافة إلى الحبوب الغذائية الأخرى كالذرة والأرز .
وتجدر الإشارة إلى أن الفرد المصري فى الأقاليم المختلفة من الجمهورية فضل استهلاك القمح أكثر من أنواع الحبوب الغذائية الأخرى منذ أوائل خمسينيات القرن العشرين حتى الآن ، ولهذا السبب وبعد عدة عقود أصبح نصيب الإنسان المصري من استهلاكه للقمح يومياً أعلى فى المعدل على مستوى العالم وبلا منازع( )، هذا الأمر فرض عجز الإنتاج المحلى عن سد حاجة السكان الأن وفى المستقبل من القمح إن استمر أسلوب الإنتاج والاستهلاك على هذا النحو ، وهذه الظروف ساعدت على استمرار العجز فى تحقيق الأمن الغذائي ، وأصبح الأمر مشكلة مزمنة يصعب حلها مع إقبال عامة الشعب المصري على استهلاك القمح سواء كان راغباً فى ذلك أو مضطراً( ).
وليس خفياً أن يكون القمح الآن المحصول الغذائي الاستراتيجي الأول ، فهو أهم محاصيل الحبوب الغذائية إنتاجاً واستهلاكاً وتجارة ، وأصبح أهم سلع الواردات الغذائية التى تحاول الدولة توفيرها وتحقيق قدر من الأمن منها حسبما تتطلب حاجة المستهلكين مهما ارتفعت تكلفة استيراده( ).
ويجب الإشارة إلى أن منظمة الأغذية والزراعة أوضحت مشكلة الأمن الغذائى : بأنها مشكلة ضمان القدرة الاقتصادية والبدنية لكل الناس وفى كل الأوقات فى الحصول على احتياجاتهم الأساسية من الغذاء( ).
كما أضاف خبراء المجموعة الأوربية المشتركة : أن من الضرورى التمييز بين حالات النقص المؤقت فى كميات الطعام وبين حالات النقص ذات الطبيعة المزمنة ، حيث أن تحقيق الأمن الغذائي يقوم على العمل من أجل التوصل إلى أن تتوفر لدى المجتمعات " الدول - الأسر - القرى " الموارد الكافية لإنتاج الطعام أو الحصول عليه بجدارة( ).
وأضاف البنك الدولى فى ذلك : أنه فى حالة عدم الكفاية من السلعة الغذائية كالقمح مثلاً ، تكون حالة فقدان للأمن الغذائى ، تتحول إلى حالةِ مزمنة عندما يتحول الإنتاج من حالة تذبذب فى الإنتاج أو الأسعار أو هبوط فى دخل الأسرة إلى حالة سوء التغذية المزمنة والتى تعود إلى استمرار عدم توفير القدرة فى الحصول على ما يكفى من الإنتاج ، وعندما تفقد الأسرة بشكل مستديم قدرتها على توفير ما يكفى أفرادها ، سواء عن طريق الإنتاج الذاتى أو عن طريق الشراء من الأسواق( ).
تطور استهلاك الفرد المصرى من القمح حتى ظهور الأزمة :
لم يكن هناك ثمة مشكلة فى حجم القمح المصرى المنتج لكفاية استهلاك المصريين حتى منتصف القرن العشرين ، وكان ما يتم استيراده من القمح خاص بما يحتاجه الجيش الإنجليزى المحتل لمصر ، وقتئذ لم يتعد سكان مصر الإجمالى 21.4 مليون نسمة ، كان نصيب الفرد من استهلاك القمح لم يتجاوز 52.4 كجم / عام ، ونسبة سكان الريف كانت حوالى 65% من إجمالى السكان ، وحصة استهلاك الأسرة من الحبوب الغذائية وقتها كان ليس شرطاً فيها الارتفاع فى معدل استهلاك القمح كما هو الحال الأن ، ولكن كانت هناك مساهمة كبيرة لأنواع من الحبوب الغذائية فى صنع رغيف الخبز منها ما قد اختفى من محتوى الرغيف الآن ، وكانت هذه المساهمات للذرة الرفيعة بنحو 14% والذرة البيضاء والصفراء بنحو 40% والأرز بنحو 14% والشعير بنحو 3% ، فى مقابل 29% للقمح فقط من إجمالى استهلاك الفرد المصرى من الحبوب الغذائية وقتئذ( ). هذا أمر يتضح معه الانخفاض فى مستوى المعيشة ، ويظهر أن معظم السكان يحاولون الوصول إلى حد الكفاف على أية حال( ).
ومع تطور حالة استهلاك الفرد المصرى للقمح يتضح أن :
* منذ عام 1952 من القرن الماضى لم تكن هناك مشكلة ناتجة عن العجز فى كفاية القمح المصرى المنتج لحاجة السكان كما هو واضح من الجدول رقم (1) والشكل رقم (1) ، ولكن بمرور الزمن وصولاً لمنتصف الثمانينيات من القرن العشرين (85/1986) زادت نسبة الاستهلاك بصورة مضطردة حتى وصلت نسبة الاكتفاء الذاتى من القمح المنتج محلياً إلى أدنى مستوى لها (21%) ، فقد تدنت المساحة المنزرعة بالقمح لأدنى مستوى لها خلال العروة الشتوية التى يزرع خلالها محصول القمح( ).
وبلغت المساحة المنزرعة 1.216 مليون فدان ، أى أقل من ربع المساحة المنزرعة بالعروة الشتوية آنذاك ، وذلك فى وقت ارتفعت فيه إنتاجية الفدان المزروع بالقمح ، والتى بلغت 5.18 أردب / فدان عام 1952 وارتفعت إلى أكثر من 13 أردب / فدان عام 1986( )؛ ليرتفع معها الإنتاج إلى 1.9 مليون طن ، بزيادة عن عام 1952 بنحو 78.4% ، إلا أنه كانت هناك منافسة ولازالت بين مساحة ما يزرع بالقمح وما يزرع بالبرسيم ، فإما التوسع فى المساحة المنزرعة بالقمح لتوفير القدر الملائم من الإنتاج لكفاية الاستهلاك السكانى ونموه ، أو الحفاظ على المساحة المنزرعة بالبرسيم عماد الثروة الحيوانية والذى بلغت مساحتة من إجمالى العروة الشتوية 55.3% آنذاك ( ).
فالبرسيم هو البساط الأخضر الذى يكسو الأرض الزراعية المصرية فى موسم الشتاء وذلك منذ زمن طويل ، لأنه من ضروريات الدورة الزراعية ، حيث يمد الأرض الزراعية بالأزوت الذى فقدته التربة بعد أن حجز السد العالى طمى النيل أمامه ، غير أن زراعة البرسيم من الزراعات الهامة قبيل زراعة القطن مباشرة والذى كان محصولاً منافساً أيضاً للقمح علماً بأن محصول القطن من زراعات الموسم الصيفى فى مصر( ).
وتجدر الإشارة إلى أنه قد قام مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار فى مجلس الوزراء المصرى بدراسة تحت عنوان " بدائل إحلال القمح محل البرسيم " بهدف اختيار وامكانية رفع نسبة الاكتفاء من القمح إلى 60% ثم 70% ثم 80% بحلول عام 2010 ، وبتقييم التكلفة والعائد أظهرت النتائج أن : تنفيذ السيناريوهات ستوفر مياه الرى وزيادة العمالة وزيادة استهلاك الأسمدة الكيماوية ، وانخفاض عجز الميزان التجارى ، وذلك فى حالة تعويض نقص الإنتاج من اللحوم والألبان الناتج عن انخفاض المساحة المنزرعة بالبرسيم ، والتى هى من التحديات الحقيقية أمام التوسع فى إنتاج القمح ، فقد اتضح أن فدان البرسيم أعلى قيمة بالنسبةلصافى عائد فدان القمح ، فقد ارتفع صافى عائدات فدان البرسيم إلى 1228 جنيهاً عام 1995 ، ثم إلى 1720 جنيهاً للفدان عام 2003 ثم إلى 3534 جنيهاً عام 2005 بزيادة نسبتها 86 %، كذلك من التحديات انخفاض الكميات التى يوردها الأهالى من القمح بالرغم من السياسة التسويقية السعرية ، حيث احتفظ المزارعون المنتجون بنسبة 75% من القمح المنتج للاستهلاك عام 2005 ، ومن التحديات أيضاً الفجوة فى حجم الأعلاف الأخرى دون البرسيم ، وخلصت الدراسة إلى ضرورة الاتجاه للأراضى الجديدة وضرورة زراعتها بالقمح ، حيث تسمح الظروف بذلك ، والنظر فى وضع التركيب المحصولى دون الجور على المساحة المنزرعة بالبرسيم( ).
جدول (1)
تطور مساحة وإنتاج القمح فى مصر منذ 1952 / 2007
السنة
مساحة القمح "
فدان" النمو السنوي للمساحة % من العروة الشتوية الإنتاج "1000 طن" النمو السنوى للإنتاج الإنتاجية " أردب/فدان" متوسط نصيب الفرد"كجم" نسبة الاكتفاء الذاتى سعر الطن" ألف جنيه"
1952 1402 - 32.1 1081 - 5,2 52,9 - -
85 /86
1206 -16,3 24.4 1928 78,4 10,7 192 21 59,7
86/87 1373 13.8 26.9 2721 41.1 13.2 196.3 28.4 84.3
87/88 1422 3.5 28.2 2838 4.3 13.3 196.6 29 121.6
88/89 1533 7.8 29.1 3182 12.1 13.9 211.4 29.6 182.6
89/90 1955 23.5 35 4266 34.1 14.6 224.5 36.6 148.8
90/91 2215 13.3 38.5 4483 5.1 13.5 204.9 41.3 222
93/94 2111 -4.7 35.6 4437 -1.0 14 171.9 45.9 495
94/95 2512 19 41.7 5722 29 15.2 178.6 51.4 705.
95/96 2421 -3.6 40.1 5735 صفر 15.8 190 41 648
96/97 2486 2.7 41 5849 2 15.7 165 40.8 564.5
97/98 2421 -2.6 38.2 6093 4.2 16.8 172 47.9 462.4
98/99 2380 -1,7 37.3 6347 4.2 17.8 167 54.2 495.2
99/2000 2463 3.5 38.2 6564 3.4 17.8 162.2 65.8 540.3
2000/2001 2342 -4.9 37.3 6255 -4.7 17.8 156.3 65.6 644.6
2001/2002 2324 -0.8 35.8 6625 5.9 18.9 160 56.8 720
2002/2003 2401 3.3 27 6845 3.3 19 163 56.6 1057.1
2002/2004 2518 4.9 38.7 7178 4.9 19.1 140 68.6 1038.1
2004/2005 2592 2.9 39.8 7789 -7.1 18.7 158.6 58.7 +1500
2005/2006 2317 -3.3 26.9 6610 -8.7 18.8 154.2 53..7 +1600
المصدر : من إعداد الباحث معتمداً على : الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء ، نشرة / تطور حركة الإنتاج والتجارة الخارجية والمتاح للاستهلاك لأهم السلع الاستراتيجية فى قطاعات المواد الغذائية - الكيميائية - الهندسية ، رقم المرجع / 93 - 14100 - 2006 ، إصدار يناير 2006 . + الكتاب الإحصائى السنوى ، 1952 / 1991 ، يونيو 2002 . + موقع منظمة الفاو على شبكة المعلومات الدولية
وتجدر الإشارة إلى أنه قد زاد متوسط نصيب الفرد المصرى من استهلاك القمح عام 85/1986 إلى 192 كجم/عام وذلك كان أعلى معدل استهلاك للقمح ، فى هذه الفترة حدث أن ارتفعت نسبة ساكنى المدن المصرية والأكثر استهلاكاً للقمح من ساكنى الريف إلى 44% من جملة سكان مصر وهى نسبة مرتفعة بدرجة غير مسبوقة فى التاريخ المصرى قبل ذلك ، حيث جذبت المدن نسبة من سكان الريف فى صورة تيارات من الهجرة الداخلية ما شهدتها مصر قبل ذلك أو حتى بعد ذلك بهذه الصورة( ). هذا حدث فى ظل ظروف الانفتاح الاقتصادى الذى تبعته حالة من الإهمال للأرض الزراعية ، ذلك إلى جانب صدور قانون أعقب حرب أكتوبر ينص على : توفير وظيفة لكل مواطن قد أدى الخدمة العسكرية سواء كان من أبناء الريف أو الحضر( ).
يجب الإشارة إلى أنه بعد بناء السد العالى اتبعت الزراعة المصرية أسلوب الدورة الزراعية من أجل الحفاظ على خصوبة التربة( ).
وأسلوب الدورة الزراعية الذى كان مستخدماً ، كان أكثر اهتماماً بالمحاصيل النقدية فى بداية الأمر ، مثل القطن والأرز لتوفير النقد الأجنبى الذى كان ضرورياً للاقتصاد المصرى فى ذلك الوقت ، فقد حقق القطن فى هذه الفترة ثلث صادرات مصر ، إذا استثنينا الصادرات البترولية. وفى ظل هذه الظروف لم يشهد محصول القمح وهو المحصول المعاشى الأول الإهتمام المناسب كما هو الحال بالنسبة للمحاصيل النقدية الأخرى ، فقد شهد محصول القمح تراجعاً فى المساحة والإنتاجية والإنتاج على حد سواء مع تنامى حجم الاستهلاك( ).
وفى محاولة إنقاذ لإنتاج محصول القمح من الهبوط أثناء تلك الفترة وضعت الحكومة المصرية ما يسمى بالسياسة الزراعية( ).
وقد حققت بالفعل تقدماً ملحوظاً فى المساحة المنزرعة وإنتاج القمح ، ويتضح ذلك إذا عرفنا أن المساحة المنزرعة بالقمح زادت خلال عشر سنوات ( 1985 / 1995 ) حوالى 108% وزاد معها الإنتاج إلى حوالى 197% ، وذلك بسبب التطور الكبير فى مستوى الإنتاجية والمساحة المنزرعة ، وقد حققت إنتاجية الفدان خلال هذه الفترة زيادة أكثر من 40% ، وللمرة الأولى يصل معدل الاكتفاء الذاتى من القمح 94/1995 إلى أكثر من النصف (51.4%).
منذ ذلك الحين فقد شهدت المساحة المنزرعة بالقمح نوعاً من الثبات دون زيادة ملحوظة ، أى نحو خمسين المساحة المنزرعة بالعروة الشتوية ، وأحياناً تزيد زيادة طفيفة وأحياناً أخرى تقل بصورة طفيفة أيضاً حتى عام 2006 ، فبعد اتباع السياسة الزراعية - كما سبق الذكر - اتبعت الدولة بعد ذلك سياسات إنتاجية مرتبطة بسياسات السوق ، مفادها : أن تترك المزارعين أحراراً يزرعون ما يرغبون من محاصيل ، وخففت الدولة قبضتها وأزالت القيود التحكمية ، بحيث أصبح هيكل المزروعات يعكس إرادة المزارعين ومفاضلتهم للعائد من المحاصيل المختلفة وخبراتهم فى زراعة بعض المحاصيل دون غيرها( ).
ومع هذا الثبات فى المساحة قد واصل إنتاج القمح الزيادة منذ عام 1995 حتى عام 2005 ، من 5.72 مليون طن إلى 7.4 مليون طن ، أى زيادة نسبية قدرها 29% ، بمعدل نمو سبوى 2,9% ، وقد حقق معدل الاكتفاء الذاتى فى بعض السنوات أكثر من الثلثين من إجمالى القمح المستهلك فى مصر ، وفى أقل الحالات وصل معدل الاكتفاء الذاتى أكثر من النصف ، إذ أن الإنتاجية للفدان قد زادت فى السنوات الأخيرة حتى وصلت إلى ما بين 18 - 20 أردب / فدان . ويعد هذا المعدل من الإنتاجية فى مصر ضعفين نظيره العالمى.
وتجدر الإشارة إلى أن مصر تحتل المركز الخامس عالمياً فى هذا المجال ، ولا يسبقها فى معدل إنتاجية القمح سوى ألمانيا وفرنسا وهولندا وانجلترا - على التوالى - حيث يطول موسم الزراعة حتى يقترب من عشرة أشهر ، فى مقابل ستة أشهر بمصر ، غير أن هذه الدول تتميز عن مصر بالمناخ البارد ، الذى يعطى الحبة الفرصة الكاملة حتى تتكون وتكون كاملة الامتلاء ، فإن الشتاء المعتدل البرودة والذى يليه صيف بارد نسبياً ومرتفع الرطوبة يؤدى إلى إنتاج حبوب كبيرة الحجم وممتلئة ورخوة وذات محتوى منخفض من البروتين ، مقابل محتوى مرتفع من النشا ، وساعد على ذلك أيضاً سقوط الأمطار الغزيرة ، أو الرى الغزير خلال فترة النضج ، ويجب التذكير بأن امكانية مقاومة الأمراض هى جواز المرور لاعتماد أى صنف يمكن استخدامه مهما كان مستوى إنتاجيته( ).
ويجب التذكير بأنه يتم زراعة نحو 40% من مساحة القمح عام 2007 بتقاوى معتمدة من قبل وزارة الزراعة عالية الإنتاجية ، وباقى المساحات المزروعة بالقمح تزرع بتقاوى بلدية ، وعلى كل فإن كل المساحات استخدم فيها أصناف جديدة : جميزة 7 ، وجميزه 9 ، وسخا 93 ، وجيزة 168 ، وجيزة 93 ، والتى تعطى إنتاجية عالية جداً تصل لنحو 7.6 طن / هكتار ، أى 21.3 أردب /فدان( ). كما يمكن زيادة نسبة البروتين فى حبة القمح عندما نضيف النتروجين إليها ورش نبات القمح بمادة اليوريا عند الإزهار( ).
وإضافة لما سبق فقد لجأت الحكومة المصرية فى ظل الإقبال المتزايد على استهلاك القمح إلى محاولة إدخال عناصر أخرى بكميات أكبر من الحبوب الغذائية كالذرة والأرز بتحديد تصديره أحياناً ، وقد تراجع بالفعل على أثر ذلك متوسط نصيب الفرد من استهلاكه للقمح من 224.5 كجم عام 1990 إلى 153 كجم عام 2005 ، اى اقل بنسبياً بما يعادل 42%( ).
وتجدر الإشارة إلى أن المساحة المنزرعة بالقمح على الأراضى الزراعية القديمة عالية الإنتاجية تدور حول 2.5 مليون فدان ، ولا يمكن أن تزيد عن 3 مليون فدان فى كل الأحوال ، علماً بأنه لكى يتحقق الاكتفاء الذاتى من القمح لابد من زراعة نحو 4,5 مليون فدان على الأرض القديمة ، وذلك من الأمور صعبة التنفيذ على مساحة الأرض الزراعية القديمة والتى لا تزيد عن 8,6 مليون فدان فعلى ، ونحو 16,1 مليون فدان محصولى( ).
مكانة القمح فى مائدة الاستهلاك الغذائى للفرد المصرى :
يعتبر القمح أهم أنواع الحبوب الغذائية المستهلكة فى مصر ، وهو أهم عناصر الغذاء على الإطلاق لأغلب فئات الشعب ، وذلك منذ القدم( ) ، حيث أنه من أعمدة المحاصيل الشتوية الرئيسية فى مصر ، التى عرفها الإنسان المصرى القديم ، رغم أنه كان يبادلها مع الشعير وإن كان فى بعض الفترات يزيد استهلاك الشعير عن القمح كما كان فى العصر الفرعونى ، ثم تفوقت كمية إنتاج واستهلاك القمح على جملة الحبوب الأخرى حتى سيطرت على مجمل الحبوب الغذائية خلال العصر الرومانى ، حيث اعتمدت الدولة الرومانية بصورة مباشرة على القمح المصرى والذى كان يزرع على مساحة أكثر اتساعاً من الوقت الحالى( ).
وخلال العصر الحديث تنامى استخدام الإنسان المصرى للقمح واستحسانه على حساب الحبوب الغذائية الأخرى ، حتى أصبح الإنسان المصرى أكثر إنسان فى العالم استهلاكاً للقمح ، وبلغت قمة استهلاكه منتصف الثمانينيات فى القرن العشرين - كما سبق الذكر ، ولا يعد ذلك غريباً إذا علمنا أن القمح أهم الحبوب الغذائية عند معظم شعوب العالم ، خاصة العالم النامى ، نظراً للقيمة الغذائية التى تحتوى عليها حبة القمح( ) ، كشمال أفريقيا وأوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية واستراليا وبعض دول أسيا ، حتى أصبح القمح أكثر المحاصيل الزراعية انتشاراً فى العالم ، وزادت الدول التى تقوم بزراعته إلى 108 دولة خلال عام 2005 فى توقيتات مختلفة حسب المواقع الجغرافية ، ولذلك يتم حصاد القمح فى جميع شهور السنة فى كافة أنحاء العالم ، كما يوضح ذلك الملحق رقم (1) ، ويعتبر ذلك ميزة نسبية ، لأن ذلك يؤدى إلى الحد من أثار التغيرات المناخية عليه ، فإن عدم مناسبة الظروف المناخية فى منطقة ما يقابلها مناسبة مثل هذه الظروف فى منطقة أخرى ، وذلك يؤدى إلى تخفيف حدة تأثير الظروف المناخية على عملية الإنتاج ومن ثم الطلب عليه لغرض الاستهلاك( ).
وتعد مصر واحدة من البلدان النامية التى تتكون وجبات الطعام فيها من صنف معين يعتبر أساس الوجبة هو القمح ، ويضاف إليه بعض الأطعمة الأخرى ، كما هو الحال بدول عديدة فى منطقة البحر المتوسط يعتبر أساس الوجبة هو القمح ( ) ، إلى جانب أنه يشكل المصدر الرئيسى للبروتين لدى الغالبية من السكان ، كما هو الحال فى العالم الأقل دخلاً ( ) ، فعند انخفاض مستوى الدخل تستمد الوحدات الحرارية من مجموعة الأطعمة الأساسية التى تشكل الحبوب قوامها ، وهى تحتوى على كميات محدودة من الدهنيات النباتية المنفصلة والدهنيات الحيوانية وأيضاً كميات محدودة من البروتين الحيوانى مقابل الكربوهيدرات المركبة - غذاء الطاقة الأساسى ( ).
ومن خلال دراسة متوسط نصيب الفرد المصرى من استهلاك أهم السلع الغذائية ( ) . نجد أن متوسط استهلاك الفرد على مدار العام كان فى معظمه من الحبوب الغذائية وعمادها القمح ، وذلك منذ أكثر من نصف قرن مضى ، ويتضح ذلك فى الجدول رقم (2) والشكل رقم (2) كما يلى :
* كان متوسط نصيب الفرد من استهلاك السلع الغذائية عام 1952 نحو 376 كجم على مدار العام ، أو ما يعادل 1,032 كجم / يوم ( ) . وكان نحو الخمس فقط من هذه الكمية قمح ونحو 38% أو أكثر من الثلث حبوب غائية أخرى ( ) . ولو علمنا أن نحو 44.2% من إجمالى استهلاك الفرد عبارة عن سلع غذائية نباتية ، لعرفنا أن المكون الحيوانى وباقى المكونات الأخرى على مائدة غذاء الفرد المصرى عام 1952 لم تتجاوز 17.9% من جملة متوسط استهلاك الفرد المصرى بصفة كلية.
* بعد مضى أربعة عقود قد زاد متوسط استهلاك الفرد المصرى من كم الغذاء حتى بلغ عام 1989 / 1990 ما يعادل الضعف ، ليصل استهلاك الفرد فى اليوم 1.94 كجم ، وصل القمح ودقيقه من ذلك الإجمالى نحو 29.5 % ، بالإضافة إلى 58.1% لباقى الحبوب الغذائية والمكونات النباتية الأخرى ، ولم يبلغ المكون الحيوانى فى جملة الوجبة الغذائية لدى الفرد المصرى سوى 10.5% فقط من حجم الوجبة اليومية ، وقد شهدت هذه الفترة أعلى معدل استهلاك للفرد المصرى من القمح ، ثم أخذ يتراجع هذا المعدل فى السنوات التالية حتى وصل استهلاك الفرد 139.4كجم من جملة استهلاك الفرد من الغذاء السنوى حتى عام 2003/2004.
جدول (2)
نصيب الفرد من استهلاك أهم السلع الغذائية خلال العام
السلع 1952 89 /1990 99 /2000 2003/2004
القمح 74.5 186.5 162.2 139.4
الدقيق الفاخر - 17.5 17 17.6
الذرة 52 77.2 81.1 88.6
الأرز 16 36 38.1 52.3
الفول 1.2 6 3.9 7
العدس 1.5 0.8 1 1.2
البطاطس 8 22 16.6 25.3
الخضر 84.4 147.4 134 151.8
الموالح 17.5 36.3 30.3 33.4
العنب 4.2 12 14.6 13.8
الفواكه الأخرى 28.4 33.8 56.3 46.5
اللحوم الحمراء 5.4 13.3 12.4 13.3
الدواجن 7.2 8.7 7.3 15.3
الأسماك 9.2 8.2 13.4 15.3
زيت الطعام 2.7 6.4 6.3 6.9
المسلى الصناعى 1.6 3.2 1.9 3.5
السكر 16 26.6 33.5 27
الشاى 0.1 1.4 0.3 0.2
البيض 3.7 7.1 5.9 9.6
الألبان 41 42 77.5 76.9
البن 0.1 0.1 0.1 0.1
السجاير 1 1.3 1.4 1.8
الإجمالى 376 690.7 714.3 743
المصدر : من حساب الباحث معتمداً على : نشرة تطور حركة الإنتاج ، مرجع سبق ذكره + الكتاب الإحصائى السنوى ، 1952 / 1992 .
أو ما يعادل 18.7% والتى زاد فيها متوسط نصيب الفرد اليومى من الغذاء إلى 2.04 كجم .
* على الرغم من الزيادة المستمرة فى الإنتاج النباتى والحيوانى وما تبعها من زيادة فى حجم الاستهلاك أيضاً خلال فترة تزيد على نصف قرن ( منذ عام 1952 حتى آخر 2007 ) إلا أن هناك شبه ثبات فى الوضع النسبى لنوعية السلع الغذائية التى يستهلكها الفرد المصرى ، كما هو واضح من الجدول رقم (2) والشكل رقم (2) أيضاً ، حيث شهدت هذه الفترة استقراراً فى نسبة استهلاك القمح من جملة السلع الغذائية رغم طول الفترة بين الخمس أو أقل قليلاً والربع أو يزيد قليلاً ، وثبات مجمل الحبوب من جملة السلع الغذائية عند الخمسين وأحياناً تزيد قليلاً أو تنقص قليلاً فى بعض السنوات ، كما لم يتجاوز نصيب المستهلك من الإنتاج الحيوانى السدس أو أقل قليلاً من مجمل مائدة الغذاء للفرد المصرى ، الأمر الذى يوضح أن نمط الاستهلاك خلال هذه الفترة الطويلة يسير على وتيرة واحد دون تغيير ملحوظ فى نمط الإنتاج الزراعى وأيضاً الاستهلاك الغذائى ، ويترتب على ذلك اعتماد شبه تام على مساحة الأرض الزراعية كمصدر أساسى لغذاء الإنسان المصرى والذى يتبعه ضغط غير مسبوق على المساحة الزراعية التى عجزت عن تحقيق كفاية فى حجم الاستهلاك المطلوب توفيره للفرد المصرى فى ظل النمو السكانى على ذات الأرض الزراعية تقريباً ، وبالتالى يبدو عدم القدرة على زيادة المساحة المنزرعة من القمح على الأرض القديمة فى مصر وبالتالى استمرار العجز فى توفير القدر المناسب للاستهلاك من القمح من خلال الإنتاج المحلى ، سواء على المدى القريب أو البعيد .
حجم الاستهلاك اليومى للفرد المصرى من القمح مقارنة مع بعض دول :
مثل حجم المستهلك من القمح فى معدل الاستهلاك اليومى للفرد المصرى ما يزيد على الخمس (20.1%) كما سبق الذكر ، أى أنه يوفر نحو 1210 سعراً حرارياً من جملة السعرات الحرارية اليومية اللازمة للفرد المصرى والبالغة 3560 ، أو ما يعادل (34%) من إجمالى الغذاء خلال اليوم ( ) ، وكما هو واضح من الجدول (3 ) أنها توفر للفرد يومياً نحو 31.1 جراماً ، أو 44.4% من البروتين الذي يحتاجه ( ) ، ذلك فضلاً عن 9 جرامات من الدهون أي 22.6 % من إجمالي الدهون المستهلكة يومياً للفرد المصري ، وهى تعتبر من أهم أطعمة الطاقة اللازمة للإنسان العادي( ) .
جدول (3)
متوسط نصيب الفرد المصرى من المجموعات الغذائية فى السنة وقيمتها من الوحدات الحرارية والبروتين والدهون عام 2003 / 2004
السلعة
كجم /سنة نصيب الفرد اليومى من السعرات الحرارية نصيب الفرد اليومى من البروتين "جم" نصيب الفرد اليومى من الدهون "جم
القمح ودقيقه 157 1210 31.1 9
الحبوب الأخرى 140.9 1203 31.4 8.9
البطاطس والدرنيات 20.3 51.9 0.8 0.1
السكر 27 261.9 - -
البقوليات 9 44.6 3.2 4.9
الخضر 151.9 97.2 4.6 0.8
الفاكهة 93.7 112.9 1.9 0.6
اللحوم 13.3 59.9 5.3 4.1
الدواجن 15.3 68.9 6.1 4.7
الأسماك 15.3 29.1 9.2 2.6
الألبان 76.9 106.1 6.2 6.9
الزيوت 10.4 251 0.1 28.3
سلع أخرى
7.1 66.7 2.1 0.6
الإجمالى 743 3562.7 102 71.5
المصدر :
من حساب الباحث معتمداً على : نشرة تطور حركة الإنتاج والتجارة الخارجية والمتاح للاستهلاك ، مرجع سبق ذكره . + الكتاب الإحصائى السنوى ، 2004 . +
FAO production year Book ,2006 .
وتجدر الإشارة إلى أنه مع الزيادة الملحوظة في كمية استهلاك الفرد المصري يومياٍ من القمح منذ منتصف القرن الماضي ومع ارتفاع مستوى المعيشة والإقبال على استهلاك القمح تزيد مشكلة عدم تحقيق الكفاية من القمح ، لأن ذلك يتطلب زيادة الرقعة الزراعية إلى 4.5 مليون فدان للوصول إلى مستوى الاكتفاء الذاتي من القمح في هذه الفترة وهذا أمر صعب الأن . أو تزيد كمية المستورد منه إلى نصف كمية الاستهلاك ( 6 مليون طن ) كما سبق توضيح ذلك ، ويزداد الأمر صعوبة مستقبلاً في حالة ثبات معدل استهلاك الفرد المصري اليومي من القمح مع التزايد المستمر في عدد السكان ، إذ أن سكان مصر سوف يزيد عن 90 مليون نسمة عام 2025م( ) ، ومعها سوف يتراجع معدل الاكتفاء الذاتي من القمح إلى 47 % بعد أن كان في عام 1999م / 2000م قد وصل إلى 66 % من جملة الاستهلاك ، كما أنه سوف تزيد نسبة الاستهلاك في كمية القمح بنسبة 21.4 % عن الوقت الحالي ، وقتها سوف تزيد الحاجة إلى المساحة التي يجب زراعتها قمح بنسبة 73.8 % من المساحة المحصولية الشتوية على الأرض الزراعية القديمة( ).
ومع زيادة الطلب على القمح في الوقت الذى يزيد فبه الاستهلاك يزداد الاعتماد على الخارج في الاستيراد وذلك أمر مشوب بالخطورة ، بسبب الزيادة المضطردة والمستمرة في أسعار القمح العالمية من عام إلى أخر مع حجم النقص الكبير فى الإنتاج اللازم للاستهلاك ، كما يوضح ذلك الجدول رقم (4) ، حيث أن سعر طن القمح في تزايد مستمر من عام لأخر ، لأنه منذ منتصف الثمانينيات حتى منتصف التسعينيات قد تضاعف سعر طن القمح بنحو 12 ضعف أو بمعدل زيادة سنوية 140 % ، وزاد منذ منتصف التسعينيات حتى أواخر عام 2007م إلى 1744 جنيه / طن أو نحو 169 % بمعدل زيادة سنوية 15.4 % ، بل يزداد الأمر صعوبة بسبب القفز المتوالي والمفاجىء فى السعر ، الذى قفز في أسبوع واحد أربع مرات عالمياً حتى سجل أرقاماً قياسية غير مسبوقة تزيد عن 300 دولاراً لسعر الطن من القمح الأحمر اللين ، خاصة في ظل احتياطي المخزون الذي لا يتجاوز 3 أشهر فقط في مصر وفي أغلب الأحيان ، كما يلاحظ أن متوسط الأسعار العالمية الشهرية للقمح الأبيض اللين والقمح الأحمر الصلب خلال يناير 2007 ، فبراير 2008 أخذت نفس المنحنى الزمني لمتوسط الأسعار العالمية للقمح الأحمر اللين " 561.8 دولاراً للطن " أي ما يزيد عن ثلاثة ألاف جنيه مصري للطن ، كما بلغ متوسط السعر العالمي للقمح الصلب 286.9 دولاراً للطن خلال نفس الشهر ، حسب السعر الذي قررته " فوب "( ).،علماً أنه تتحدد الأسعار العالمية لأي سلعة وفقاً لقوى العرض والطلب في الأسواق العالمية ، إلا أن الأسعار العالمية للقمح تحكمها سياسات الدول المصدرة له ، وتتم التجارة العالمية للقمح في بورصات رئيسية من أشهرها بورصات : شيكاغو ، وليفربول ، وكنساس ستي ، ويورونكست ، وتعتبر تغيرات الأسعار في هذه البورصات هى المؤشر العام لتغيرات الأسعار العالمية للقمح في الدول المصدرة.
ويبدو أن الزيادة وعدم الاستقرار في الأسعار مستمر ، حيث شهدت الظروف الاقتصادية الدولية تغيرات حادة منذ أواخر القرن العشرين فى إنتاج وتجارة السلع الزراعية ، وتتمثل هذه التغيرات في إتفاقية الجات والتي دخلت حيز التنفيذ بالفعل في بداية عام 1995 ، وقد تضمن هذا الاتفاق باباً يتعلق بتخفيض دعم الصادرات الزراعية باعتبار أن هذا الدعم يشكل نوعا من الحماية كما أنه يمثل عاملاً مشوهاً لهيكل الأسعار في الأسواق الدولية ، وقد أدى الاتفاق لدى بدء تنفيذه إلى حدوث ارتفاع كبير في أسعار بعض السلع الزراعية وعلى رأسها القمح والحبوب الأخرى ، كما وضح في الجدول ( 4) والشكل (3) . فكانت العديد من الدول الصناعية المتقدمة تقدم دعماً إلى مزارعيها لرفع قدراتهم التنافسية في الأسواق الدولية بما يدعم أهدافاً محددة كى تسيطر بها على حركة الصادرات الدولية للحبوب من أجل أغراض تعد استراتيجية وسياسية ( ) .
إضافة إلى ما سبق ، تعتبر زيادة الطلب العالمي على الإنتاج الزراعي ، خاصة الذرة والقمح والشعير والمحاصيل السكرية والزيوت النباتية لاستخلاص الإيثانول والديزل الحيوي من أهم العوامل التي تدعم الاتجاه التصاعدي للأسعار العالمية لهذه المنتجات ، على الرغم من أن محاصيل الحبوب تعتبر من المحاصيل الغذائية الأساسية للعديد من الدول ، خاصة الدول الفقيرة ، إلا أن محصول القمح هو المحصول الأول لإنتاج الإيثانول في دول الاتحاد الأوربي( ) .
على الرغم من ارتفاع عدد السكان بالعالم خلال عام 2006 بما يعادل 1.6 % مقارنة مع عام 2005 ، إلا أن الإنتاج العالمي للقمح خلال عام 2006 سجل انخفاضاً نسبته 2.2 % مقارنة بعام 2005 وذلك قد ساعد على ارتفاع الأسعار العالمية للقمح نتيجة لنقص المعروض من القمح وزيادة الطلب عليه ، وفي ظل هذه الظروف ووفقاً لإحصاءات وزارة الزراعة الأمريكية ، انخفض المخزون العالمي من القمح خلال عام 2006 بنسبة 16.1% ليصل إلى 125 مليون طن مقارنة بعام 2005 ، كما انخفض المخزون العالمي من القمح بنسبة 19.4 % مقارنة بعام 1995 وذلك نتيجة لانخفاض الإنتاج العالمي للقمح وارتفاع الاستهلاك العالمي منه( ) .
جدول (4)
تطور أسعار القمح فى التجارة 1985/2007
السنة
سعر الطن "جنيه مصرى" نسبة الزيادة السنوية
85/1986 50.5 -
1987/86 59.7 18.2
1988/87 84.3 42.2
1990/89 182.6 50.2
1991/90 148.8 18.5-
1994/93 184 23.7
1995/94 459 149.5
1997/96 648 20.4
1998/97 564.5 -12.9
1999/98 462.4 -18.1
2000/99 495.2 7.1
2000/2001 540.3 9.1
2002/2001 644.6 19.3
2003/2002 720 11.7
2004/2003 1057.1 46.8
2007 1744 67.9
المصدر : FAO Trade Year Book , 2007 + FAO Internet
ويبدو أن أسعار القمح لم تعد تشهد نوعاً من الاستقرار وبصورة مستمرة وذلك بسبب تأثرها بأسعار البترول العالمية ومصادر الطاقة الأخرى ، وذلك لأن استخدام الطاقة في الزراعة أصبح كثيفاً ، للاعتماد المتزايد على الميكنة خلال مراحل الزراعة المختلفة وصناعة الأسمدة والنقل وغير ذلك من وسائل إنتاج واستهلاك وتجارة القمح ، وليس ذلك من باب التوقعات الغير مؤكدة ، بل سيحدث ذلك كما حدث في فترة الثمانيتات من القرن الماضي ، حيث أدى ارتفاع أسعار النفط إلى ارتفاع أسعار كافة السلع الناتجة عن حركة الإنتاج والتجارة والاستهلاك ، وحدث على أثر ذلك أن رفعت الدول المنتجة أسعار الإنتاج ، ولم تتأثر بذلك الدول البترولية بطبيعة الحال بسبب ارتفاع عائداتها من البترول فى ذلك الوقت ، بل الذي تأثر بذلك هى الدول النامية المستوردة والغير نفطية ، ومصر ضمن هذه الدول بطبيعة الحال ( ).
العبء الناتج عن ارتفاع معدل استهلاك الفرد المصرى من القمح :
تقع مصر ضمن الدول العشر الكبرى الأكثر استهلاكاً للقمح في العالم عام 2005 ، كما هو واضح من الملحق رقم (2 ) ، مثلت الصين المرتبة الأولى بنسبة 16.6% تلتها الهند بنسبة 11.1% ثم روسيا بنسبة 6.2% ثم الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 5.5% ومصر بنسبة 2.6% وأخيراً إيران بنسبة 2.2% ، وتستهلك باقي دول العالم حوالي 42.4 % من الاستهلاك العالمي للقمح الذي بلغ نحو 610.5 مليون طن.
ومن جهة ثانية احتلت أسبانيا المرتبة الأولى بين الدول المستوردة للقمح بنسبة 6.2% خلال عام 2005 ، كما هو واضح من الملحق رقم (3 ) ومثلت مصر المرتبة الثانية بنسبة 6.1% وتلتها ايطاليا والجزائر بنسبة 5.7% ، 4.7% على التوالي ، وأخيراً المكسيك ونيجيريا بنسبة 3 % لكل منهما ، ليصل بذلك مجموع حصص الدول العشر الكبرى المستوردة للقمح في العالم عام 2005 إلى 45.1% من جملة المستورد التى بلغت 120.3 مليون طن ، مقارنة بحصة باقي دول العالم التي بلغت 57.9% .
ومع متابعة تطور كمية الواردات المصرية من القمح خلال الفترة (1975/2005) ، ونسبتها من كمية الواردات العالمية ، نجد أنه قد ارتفعت كمية الواردات المصرية من 2005 بنسبة زيادة 142.2% كما في المحلق رقم ( 4 ) وارتفعت كمية الوردات المصرية من القمح خلال عام 2005 مقارنة بعام 2000 بنسبة زيادة 46 % .
وجاءت مصر في المرتبة الثانية بين دول العالم لاستيراد القمح عام 2005 بعد أن كانت في المرتبة السابعة عام 2000 ، وهو ما يعنى زيادة كمية الواردات المصرية ، وظلت الولايات المتحدة الأمريكية تمثل النصيب الأكبر من الوردات المصرية من القمح ( 1995 / 1999 ) انخفضت إلى 20.1% عام 2007 مقابل 93.2% عام 1995 كما هو واضح في الشكل رقم ( 4 ) ، ثم اختلفت خلال الفقرة ( 2003 /2007 ) ، وذلك بظهور دول جديدة مثل روسيا التي بلغت نسبتها 22.3% واستراليا 9.7% وفرنسا 5.1% وغيرها من الدول الأخرى .
ومن خلال كمية القمح المستهلك من مجموع الوجبات الغذائية للفرد المصري ، يتضح أن استهلاك القمح على هذا الوضع يمثل عبئاً ثقيلاً على ميزانية الدولة التي حددت أكثر من 17 مليار جنيه من ميزانيتها للدعم الغذائي خلال العام 2007 / 2008( ).
وسوف يستحوذ دعم القمح منها على النسبة الأكبر كما كان عام 2006 / 2007 عندما كانت واردات السلع الزراعية 15.4 مليار جنيه مصرى ، كانت نسبة واردات القمح منها نحو 58% ( ) ، ولما مثلت كمية القمح ودقيقه نحو 20.1% من كمية الغذاء المستهلك للفرد المصرى كما سبق الذكر ، إلا أن القيمة النقدية لهذه الكمية المستهلكة بلغت 12.5% من جملة قيمة الكمية المستهلكة من المواد الغذائية للفرد المصرى بصفة عامة كما هو واضح من الجدول رقم (5) والشكل رقم (5) ، علماً بأن المساحة المنزرعة بالقمح فى مصر قد بلغت 18.2% من جملة المساحة المحصولية .
ولكى يتحقق الاكتفاء الذاتى يجب زيادة هذه المساحة إلى نحو 36% من إجمالى المساحة المحصولية ، وفى هذه الحالة سوف تتأثر محاصيل العروة الشتوية الأخرى وعلى رأسها البرسيم الذى تمثل مساحته 24.1% من إجمالى المساحة المحصولية ، وفى المقابل فقد مثلت 39.2% من قيمة استهلاك الفرد المصرى ، علاوة على أنها مصدر لمنتج حيوانى بروتينى هام جداً لغذاء الانسان المصرى ، وذلك فى ظل تساوى قيمة استهلاك الخضر من جملة كمية استهلاك الفرد من الغذاء (12.5%) ومثلت المساحة المنزرعة بالخضر من جملة المساحة المحصولية (13%) .
ويتضح من خلال التأمل فى القيمة النقدية لقائمة الاستهلاك الغذائى اليومى للفرد المصرى أن قيمة ما يستهلكه قد بلغ نحو 6.7 جنيه مصرى ، الأمر الذى جعل هناك تهافتاً من أجل الحصول على رغيف الخبز ، لاعتباره مدعوماً بما يقارب الثلثين من ثمنه ، ذلك فى وقت تضاعفت فيه متطلبات الحياة من أنواع الغذاء الأخرى إضافة إلى الكساء والأثاث والصحة والتعليم والثقافة ...إلخ ، فقد أعلن البنك الدولى فى تقريره 2006/ 2007 أن نحو 40% من المصريين تحت خط الفقر ( ) ، وذهب الأمر إلى أبعد من ذلك حينما أعلنت السفارة الأمريكية بالقاهرة من خلال تقرير شامل لها أن نحو 52% من المصريين تحت خط الفقر ، كما أن نحو 68% من جملة المصريين يحصلون يومياً على أقل من دولارين( )
وفى تقرير سابق للبنك الدولى عن مصر أشار فيه إلى أن 75% من الإنفاق العائلى لدى الشرائح المنخفضة فى الدخل يخصص إلى الطعام وعلى رأسه القمح ، وتتركز هذه المجموعات الفقيرة بصورة أوضح فى محافظات الصعيد( )
جدول (5)
نصيب الفرد المصرى اليومى من قيمة السلع عام 2007
السلعة القيمة بالجنيه المصرى % من جملة الاستهلاك الغذائى % من السلع المستهلكة
القمح 243.1 10 18.7
الدقيق 61.6 2.5 2.4
الذرة 132.9 5.5 11.9
الأرز 156.9 6.4 7
الفول 28 1.1 9
العدس 6 0.2 0.2
البقول 6.8 0.3 0.2
البطاطس 38 1.6 3.4
الخضروات 265.7 10.9 20.4
الموالح 50.1 2.1 4.5
العنب 24.2 -0.1 1.9
الفاكهة الأخرى 104.6 4.3 6.3
اللحوم الحمراء 432 17.7 1.9
الدجاج 137.7 5.6 2.1
الأسماك 137.7 5.6 2.1
الزيوت 48 2 0.9
المسلى الصناعى 24.5 -0.1 0.5
السكر 89 3.7 3.6
الألبان 250 10.3 10.3
سلع أخرى 201 8.2 0.9
الإجمالى 2437.4 100 100
المصدر : من حسابات الباحث اعتماداً على بيانات الجداول المختلفة .
وتركزت نسبتها فى الريف أكثر من المدن ، كما هو واضح فى الجدول ( 6) والشكلين (6) و(7) ، حيث يتمثل فقراء الريف فى الفلاحين الذين لا يملكون أرضاً زراعية ، أو الذين يملكون حيازات زراعية صغيرة أو قزمية ، إلى جانب العمال الزراعيين ، إذ بلغت نسبة الذين يستهلكون أكثر من 55% من حجم الإنفاق على الحبوب الغذائية فى الريف من إجمالى الدخل نحو 61.92% من جملة سكان الريف كمتوسط عام " 27.5 مليون نسمة " أما النسبة المتبقية 17 مليون نسمة " فيقل نسبة إنفاقها على الحبوب ، وزادت فيها نسبة استهلاك القمح من جملة الحبوب الغذائية إلى ما بين 30 - 40% ، إلا أن هناك عدة محافظات تزيد هذه النسبة فيها عن المتوسط العام فى الريف ، نظراً لاعتمادها على الحبوب والقمح بصورة أكبر من حجم متوسط الإنفاق على الحبوب فى الريف ، وتتركز هذه المحافظات فى الصعيد ، كما هو الحال فى محافظات بنى سويف والفيوم والمنيا وأسيوط وسوهاج ومطروح وشمال سيناء، أما عن باقى المحافظات فتقل النسبة فيها بصورة ملحوظة ، كما فى محافظات دمياط والقليوبية والجيزة ، وباقى المحافظات الأخرى كانت حول المتوسط العام الخاص بالريف المصري.
جدول ( 6 )
توزيع نسبة المصريين الذين تزيد نفقاتهم على الحبوب الغذائية أكثر من 55% من إجمالى الإنفاق الكلى
المحافظة الحضر الريف
القاهرة 27.3 -
الإسكندرية 30.1 -
بور سعيد 31.6 -
السويس 29.6 -
دمياط 17.7 37.3
الدقهلية 26.9 61.5
الشرقية 27.9 62,1
القليوبية 31.7 43.1
كفر الشيخ 31.2 73.2
الغربية 32.5 55.6
المنوفية 27.4 57.7
البحيرة 32 70
الاسماعيلية 26.7 56
الجيزة 24.9 40.6
بنى سويف 29 69.4
الفيوم 25.6 69.7
المنيا 29.3 76
اسيوط 29.5 74.4
سوهاج 31.1 68.6
قنا 29.8 60.9
أسوان 32.5 56.7
الأقصر 32.5 51.4
البحر الأحمر 32.3 53.1
الوادى الجديد 29.9 51.6
مطروح 17.3 74.5
شمال سيناء 29.8 71.2
جنوب سيناء 25.7 57.4
مصر 28.5 61.9
المصدر : من حساب الباحث اعتماداً على : التعداد العام للسكان والإسكان والمنشأت ، إجمالى الجمهورية ، 1996 ، التعداد النهائى . + التعداد العام للسكان والإسكان والمنشأت + إجمالى الجمهورية 2006 .
شكل ( 6 ) التوزيع الجغرافي للسكان الذين تزيد نفقاتهم عن الحبوب
الغذائية عن 55 % من الدخل بالريف المصري عام 2006 .
أما فى المدن ، فالفقراء هم الذين يعملون فى الصناعة والخدمات وشرائح كبيرة من العاملين فى الإدارات الحكومية ، وبين من يعملون لصالح أنفسهم فى القطاعات الهامشية ، وبالذات العمال غير المهرة ، بالإضافة إلى الأرامل والمسنين والمرضى والمعوقين وممن يعيشون على الإعانات والتحويلات المالية المباشرة " أصحاب المعاشات والإعانات الاجتماعية"( ).
شكل ( 7 ) التوزيع الجغرافي للسكان الذين تزيد نفقاتهم عن الحبوب
الغذائية عن 55 % من الدخل بالمدن المصرية عام 2006 .
وفيها تتركز الفئات الأكثر اعتماداً على الحبوب الغذائية وخاصة القمح المدعوم من جانب الحكومة بطبيعة الحال ، وقد بلغت نسبة الذين يستهلكون أكثر من 55% من حجم الحبوب الغذائية ما يزيد على 60% منها قمح نحو 28.52% من جملة سكان المدن ، او نحو 9.6 مليون نسمة عام 2006 ، وتزيد النسبة عن متوسط نسبة المدن ، وذلك فى المدن التابعة إلى محافظات الغربية والقليوبية وبور سعيد والإسكندرية والبحيرة وسوهاج وأسوان وقنا والأقصر والبحر الأحمر وشمال سيناء والوادى الجديد وأسيوط وبنى سويف والمنيا والسويس ، وتقل هذه النسبة فى مدن باقى المحافظات ، ويوجد تقارب فى النسبة بين كافة مدن محافظات مصر ، فيما عدا محافظتى مطروح ودمياط ، وتقل النسبة بهما إلى 17.7% و 17.32% على التوالى.
وقد ركزت الحكومة المصرية منذ ثمانينيات القرن العشرين على برنامج التثبيت فى الإجور والتكيف الهيكلى وإلغاء الرقابة على الأسعار وعدم التدخل الحكومى فى الأسواق ، وإلغاء الدعم وزيادة أثمان السلع والخدمات والعمل على الاقتراب من ما يسمى الأسعار العالمية ، ويتم ذلك تحت عناوين محددة ، مثل " تحرير الأسعار " و " إزالة التشوهات السعرية " والوصول إلى الأسعار الاقتصادية طبقاً للاتفاق الذى وقعته الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولى فى 17 مايو 1991( ).
وكان نتيجة ذلك ظهور انخفاض فى مستوى إشباع الحاجات الأساسية لدى قطاع عريض من الشعب المصرى ، والسرعة فى التفاوت عند توزيع الدخل والثروة مع تحرير تجارة الاستيراد وانتشار الأنماط الاستهلاكية والترفيهية لدى أصحاب الدخول المرتفعة ، الأمر الذى جعل أمر دعم رغيف الخبز من الحتميات على الحكومة المصرية فى ظل الهوة الواسعة والواضحة بين انخفاض الدخول لدى القاعدة العريضة من السكان فى ظل ارتفاع أسعار السلع وتحريكها المستمر( ).
تفرد الفرد المصرى فى استهلاكه للقمح مقارنة ببعض الدول :
بداية يعد الفرد المصرى أكثر فرد فى العالم استهلاكاً للقمح لتصبح هذه الطريقة فى الاستهلاك فريدة بين دول العالم ، على الرغم أن قرابة النصف مما يستهلك يتم استيراده من الخارج ، فعندما يحتاج الفرد المصرى لزراعة 227.5 متر مربع بالقمح نصفها تقريباً يزرع بالخارج ، نجد أن متوسط ما يحتاجه الفرد على مستوى العالم من مساحة أرض مزروعة بالقمح 136 متر مربع فقط ، كما هو واضح فى الشكل ( 8 ) كما لا يحتاج الفرد الفرنسى الذى تصدر بلاده القمح لمصر سوى 115.5 متر مربع من الأرض المنزرعة بالقمح ، كما لا يحتاج الفرد البريطانى سوى 105 متر مربع لهذا الغرض ، والإسرائيلى لنحو 122.5 متر مربع ، والروسى الأكثر استخداماً للقمح من المتوسط العالمى 152.3 متر مربع ، وكذلك التركى لا يحتاج سوى 138.3 متر مربع من الأرض التى تزرع بالقمح.
ومع ذلك يتم التعامل مع مخزون القمح بطريقة بدائية وعشوائية ، فسياسة الدولة من خلال الهيئة العامة للسلع التموينية مفادها : أن يكفى المخزون من القمح لمدة تتراوح بين 4 - 6 أشهر ، وعلى الرغم من أن الطاقة التخزينية محدودة ، فإن استراتيجية التخزين تقوم على عمل خط استيراد يكفى للاستهلاك لمدة 3 أشهر ، بتوقع أن يكون إجمالى طاقة التخزين واحد مليون طن ، منها 35% فى أجران أو صوامع فى ثلاث موانىء مختلفة ، ونحو 25% فى صوامع داخل البلاد ، ونحو 40% فى أماكن تخزين مفتوحة فى بعض عواصم المحافظات ، وبالإضافة إلى سياسة التخزين الحكومى ، فإن هناك بعض المطاحن الخاصة والتجار يقومون بتخزين نحو نصف مليون طن خاصة بهم ( ).
وقد نتج عن ذلك فقد وإتلاف كميات كبيرة من القمح ودقيقه ، وصلت نحو 4% فاقد خلال عمليات النقل والتخزين ، ونحو 3% تتجه إلى غذاء الحيوان أو فى صورة مكونات غذاء الأعلاف ، كما أن التخزين فى العراء أو الصوامع أو المطاحن يتلف كميات كبيرة منه تظهر عند استخدامه فى المخابز ، حيث تنتج خبز غير مطابق للاستخدام البشرى ، خاصة عندما يكون القمح من النوع المستورد وتقل فيه نسبة الجيلاتين والتماسك أو العرق ، وبسبب ذلك صرح وزير الزراعة المصرى بأن نسبة الفاقد من القمح قد تتعدى 30% من الحجم المتاح من أجل الاستهلاك( ).
ومع تتابع الحكومات فى مصر كانت جميعها تواجه مشكلة ارتفاع معدلات استهلاك الفرد المصرى من القمح وزيادة الفجوة وتحقيق المزيد من العجز بين الحجم المنتج وحجم الاستهلاك بحلول عشوائية وقتية بدون خطط مدروسة ومتتابعة من حكومة إلى أخرى ، وبدون تعاون الوزارات التى يهمها هذا الأمر مثل وزارة الزراعة والرى والتضامن الاجتماعى والمالية والتخطيط... إلخ.
وإذا لاحظنا أسلوب الفرد المصرى فى اعتماده على القمح الذى يستهلكه وقارناه مع غيره فى دول أخرى ، يتضح أن أسلوب الاستهلاك المصرى لا يجد من يخطط له بصوره جيدة وعلمية ناجحة ، بل إن الإسلوب المتبع ليس فى صالح الوضع الزراعى الأمثل.
وبنظرة تأملية فى طبيعة ونمط استهلاك الفرد للقمح فى العديد من الدول مقارنة بنظيره المصرى كما فى الجدول رقم (7) والشكل رقم (9) يتضح أن اسلوب الاستهلاك المصرى لا يجد من يخطط له بصورة واعية ومدروسة ، وأن طبيعة استهلاك القمح فى مصر ينم عن سلوك نمطى متوارث
عرفت مصر إنتاج القمح واستهلاكه منذ القدم ، حيث سادت ظروف الإنتاج الزراعي للعروة الشتوية التي كانت أساس الدورة الزراعية منذ عهد الفراعنة ، وقبل أن يضاف إلى جانبها العروة الصيفية بعدة آلاف من السنين ، خاصة بعد ضبط النيل والتحكم فيه بصورة تامة ببناء السد العالي ، فمنذ ذلك الحين كانت مصر موطناً لإنتاج واستهلاك القمح ، والآن يعتبر القمح فى مصر أهم الحبوب الغذائية المعاشية ، وأضحى الإنسان المصري الأكثر استهلاكا فى كمية القمح بين جميع مستهلكي القمح فى العالم ، بل ومنتجيه الذين يزيدون عن 108 دولة حول العالم وفى نطاقاته المختلفة.
واحتوت مائدة الطعام على مكونات القمح ، ناهيك عن باقي الحبوب الغذائية الأخرى بصورة ملفتة قد لا تتكرر فى دول العالم الأخرى لمن يدقق ويهتم بهذا الأمر ، وأصبح هذا الأمر يمثل عبئاُ على التجارة الخارجية ، ومن ثم أثر بصورة سلبية على وضع الأمن الغذائي المصري .
ويواجه المصريون فى الفترة الحالية – خاصة فى عام 2008 - أزمة حقيقية عند الحصول على رغيف الخبز ، الذى يتم إنتاجه أساساً من القمح وبعض من الذرة . هذه الأزمة كانت جديرة بأن تهدد بقاء الحكومة الحالية – بناءً عن توقع كثير من المحللين والساسة ، بسبب تعثرها فى وضع حل أمثل لهذه الأزمة ، التى شملت أنحاء مصر من أقصاها إلى أقصاها ، حتى تناولتها مجموعات من الخبراء ووسائل الإعلام الداخلية والخارجية بالمسح الدقيق والنقل والتعليل والتفسير والنقد ، ووصل الأمر إلى أن دعى رئيس الجمهورية القوات المسلحة للتدخل والمساهمة فى حلها
وعلى الرغم أن البعض يرى أن ما واجهه المصريون مؤخراً من أزمة فى الحصول على الخبز ، إنما يعود إلى تعثر فى التوزيع المناسب والعادل لرغيف الخبز على كل السكان فى كل الأماكن بعد تدبير القدر الناقص عن قدرة الإنتاج بالاستيراد من الخارج( )، إلا أن الزيادات المتتالية فى الأسعار العالمية للقمح من شأنها أن تلقى العبء الأكبر على الحكومة المصرية عند تدبير احتياجات السكان من الخبز ، الأمر الذى يمثل قصوراً فى القدرة على تحقيق الأمن الغذائي للسكان.
ومن هنا فقد فرضت هذه الظروف تساؤلين سوف يتم الإجابة عليهما من خلال دراسة هذا البحث هما :
* السؤال الأول : ما السبب الذى أدى إلى زيادة الفجوة بين إنتاج واستهلاك القمح التى تمنع تحقيق قدر جيد وملائم من الأمن الغذائي خاصة فى السنوات الأخيرة ؟.
* والسؤال الثاني : ما هى إمكانيات وقدرة الزراعة المصرية على تحقيق قدر من الأمن الغذائي للسكان فى استهلاك القمح؟.
وقد استخدم الباحث خلال دراسة هذا البحث المنهج الموضوعي ، إلى جانب المنهج التاريخي فى بعض الأحيان ، حتى يمكن تتبع نشأة الظاهرة منذ البداية وما توصلت إليه من آثار . وذلك لسهولة التعرف على إمكانية وضع حلول لهذه الأزمة من خلال النظر والتأمل فى طبائع استهلاك عدة دول مشابهة لطبيعة الاستهلاك المصرى وأخرى غير مشابهة.
أسلوب استهلاك القمح فى مصر أزمة مزمنة :
تحتاج محاولة سد العجز من القمح لتوفير حاجة استهلاك الشعب المصري منه إلى ما يعادل الثلثين من قيمة الدعم الذى تقرره الدولة لمجمل دعم الغذاء تقؤيباً ، ويزداد الأمر صعوبة مع الاستمرار فى الاعتماد على القمح كأهم عنصر غذائي على مائدة الفرد المصري وخاصة الفقراء منهم ، إضافة إلى الحبوب الغذائية الأخرى كالذرة والأرز .
وتجدر الإشارة إلى أن الفرد المصري فى الأقاليم المختلفة من الجمهورية فضل استهلاك القمح أكثر من أنواع الحبوب الغذائية الأخرى منذ أوائل خمسينيات القرن العشرين حتى الآن ، ولهذا السبب وبعد عدة عقود أصبح نصيب الإنسان المصري من استهلاكه للقمح يومياً أعلى فى المعدل على مستوى العالم وبلا منازع( )، هذا الأمر فرض عجز الإنتاج المحلى عن سد حاجة السكان الأن وفى المستقبل من القمح إن استمر أسلوب الإنتاج والاستهلاك على هذا النحو ، وهذه الظروف ساعدت على استمرار العجز فى تحقيق الأمن الغذائي ، وأصبح الأمر مشكلة مزمنة يصعب حلها مع إقبال عامة الشعب المصري على استهلاك القمح سواء كان راغباً فى ذلك أو مضطراً( ).
وليس خفياً أن يكون القمح الآن المحصول الغذائي الاستراتيجي الأول ، فهو أهم محاصيل الحبوب الغذائية إنتاجاً واستهلاكاً وتجارة ، وأصبح أهم سلع الواردات الغذائية التى تحاول الدولة توفيرها وتحقيق قدر من الأمن منها حسبما تتطلب حاجة المستهلكين مهما ارتفعت تكلفة استيراده( ).
ويجب الإشارة إلى أن منظمة الأغذية والزراعة أوضحت مشكلة الأمن الغذائى : بأنها مشكلة ضمان القدرة الاقتصادية والبدنية لكل الناس وفى كل الأوقات فى الحصول على احتياجاتهم الأساسية من الغذاء( ).
كما أضاف خبراء المجموعة الأوربية المشتركة : أن من الضرورى التمييز بين حالات النقص المؤقت فى كميات الطعام وبين حالات النقص ذات الطبيعة المزمنة ، حيث أن تحقيق الأمن الغذائي يقوم على العمل من أجل التوصل إلى أن تتوفر لدى المجتمعات " الدول - الأسر - القرى " الموارد الكافية لإنتاج الطعام أو الحصول عليه بجدارة( ).
وأضاف البنك الدولى فى ذلك : أنه فى حالة عدم الكفاية من السلعة الغذائية كالقمح مثلاً ، تكون حالة فقدان للأمن الغذائى ، تتحول إلى حالةِ مزمنة عندما يتحول الإنتاج من حالة تذبذب فى الإنتاج أو الأسعار أو هبوط فى دخل الأسرة إلى حالة سوء التغذية المزمنة والتى تعود إلى استمرار عدم توفير القدرة فى الحصول على ما يكفى من الإنتاج ، وعندما تفقد الأسرة بشكل مستديم قدرتها على توفير ما يكفى أفرادها ، سواء عن طريق الإنتاج الذاتى أو عن طريق الشراء من الأسواق( ).
تطور استهلاك الفرد المصرى من القمح حتى ظهور الأزمة :
لم يكن هناك ثمة مشكلة فى حجم القمح المصرى المنتج لكفاية استهلاك المصريين حتى منتصف القرن العشرين ، وكان ما يتم استيراده من القمح خاص بما يحتاجه الجيش الإنجليزى المحتل لمصر ، وقتئذ لم يتعد سكان مصر الإجمالى 21.4 مليون نسمة ، كان نصيب الفرد من استهلاك القمح لم يتجاوز 52.4 كجم / عام ، ونسبة سكان الريف كانت حوالى 65% من إجمالى السكان ، وحصة استهلاك الأسرة من الحبوب الغذائية وقتها كان ليس شرطاً فيها الارتفاع فى معدل استهلاك القمح كما هو الحال الأن ، ولكن كانت هناك مساهمة كبيرة لأنواع من الحبوب الغذائية فى صنع رغيف الخبز منها ما قد اختفى من محتوى الرغيف الآن ، وكانت هذه المساهمات للذرة الرفيعة بنحو 14% والذرة البيضاء والصفراء بنحو 40% والأرز بنحو 14% والشعير بنحو 3% ، فى مقابل 29% للقمح فقط من إجمالى استهلاك الفرد المصرى من الحبوب الغذائية وقتئذ( ). هذا أمر يتضح معه الانخفاض فى مستوى المعيشة ، ويظهر أن معظم السكان يحاولون الوصول إلى حد الكفاف على أية حال( ).
ومع تطور حالة استهلاك الفرد المصرى للقمح يتضح أن :
* منذ عام 1952 من القرن الماضى لم تكن هناك مشكلة ناتجة عن العجز فى كفاية القمح المصرى المنتج لحاجة السكان كما هو واضح من الجدول رقم (1) والشكل رقم (1) ، ولكن بمرور الزمن وصولاً لمنتصف الثمانينيات من القرن العشرين (85/1986) زادت نسبة الاستهلاك بصورة مضطردة حتى وصلت نسبة الاكتفاء الذاتى من القمح المنتج محلياً إلى أدنى مستوى لها (21%) ، فقد تدنت المساحة المنزرعة بالقمح لأدنى مستوى لها خلال العروة الشتوية التى يزرع خلالها محصول القمح( ).
وبلغت المساحة المنزرعة 1.216 مليون فدان ، أى أقل من ربع المساحة المنزرعة بالعروة الشتوية آنذاك ، وذلك فى وقت ارتفعت فيه إنتاجية الفدان المزروع بالقمح ، والتى بلغت 5.18 أردب / فدان عام 1952 وارتفعت إلى أكثر من 13 أردب / فدان عام 1986( )؛ ليرتفع معها الإنتاج إلى 1.9 مليون طن ، بزيادة عن عام 1952 بنحو 78.4% ، إلا أنه كانت هناك منافسة ولازالت بين مساحة ما يزرع بالقمح وما يزرع بالبرسيم ، فإما التوسع فى المساحة المنزرعة بالقمح لتوفير القدر الملائم من الإنتاج لكفاية الاستهلاك السكانى ونموه ، أو الحفاظ على المساحة المنزرعة بالبرسيم عماد الثروة الحيوانية والذى بلغت مساحتة من إجمالى العروة الشتوية 55.3% آنذاك ( ).
فالبرسيم هو البساط الأخضر الذى يكسو الأرض الزراعية المصرية فى موسم الشتاء وذلك منذ زمن طويل ، لأنه من ضروريات الدورة الزراعية ، حيث يمد الأرض الزراعية بالأزوت الذى فقدته التربة بعد أن حجز السد العالى طمى النيل أمامه ، غير أن زراعة البرسيم من الزراعات الهامة قبيل زراعة القطن مباشرة والذى كان محصولاً منافساً أيضاً للقمح علماً بأن محصول القطن من زراعات الموسم الصيفى فى مصر( ).
وتجدر الإشارة إلى أنه قد قام مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار فى مجلس الوزراء المصرى بدراسة تحت عنوان " بدائل إحلال القمح محل البرسيم " بهدف اختيار وامكانية رفع نسبة الاكتفاء من القمح إلى 60% ثم 70% ثم 80% بحلول عام 2010 ، وبتقييم التكلفة والعائد أظهرت النتائج أن : تنفيذ السيناريوهات ستوفر مياه الرى وزيادة العمالة وزيادة استهلاك الأسمدة الكيماوية ، وانخفاض عجز الميزان التجارى ، وذلك فى حالة تعويض نقص الإنتاج من اللحوم والألبان الناتج عن انخفاض المساحة المنزرعة بالبرسيم ، والتى هى من التحديات الحقيقية أمام التوسع فى إنتاج القمح ، فقد اتضح أن فدان البرسيم أعلى قيمة بالنسبةلصافى عائد فدان القمح ، فقد ارتفع صافى عائدات فدان البرسيم إلى 1228 جنيهاً عام 1995 ، ثم إلى 1720 جنيهاً للفدان عام 2003 ثم إلى 3534 جنيهاً عام 2005 بزيادة نسبتها 86 %، كذلك من التحديات انخفاض الكميات التى يوردها الأهالى من القمح بالرغم من السياسة التسويقية السعرية ، حيث احتفظ المزارعون المنتجون بنسبة 75% من القمح المنتج للاستهلاك عام 2005 ، ومن التحديات أيضاً الفجوة فى حجم الأعلاف الأخرى دون البرسيم ، وخلصت الدراسة إلى ضرورة الاتجاه للأراضى الجديدة وضرورة زراعتها بالقمح ، حيث تسمح الظروف بذلك ، والنظر فى وضع التركيب المحصولى دون الجور على المساحة المنزرعة بالبرسيم( ).
جدول (1)
تطور مساحة وإنتاج القمح فى مصر منذ 1952 / 2007
السنة
مساحة القمح "
فدان" النمو السنوي للمساحة % من العروة الشتوية الإنتاج "1000 طن" النمو السنوى للإنتاج الإنتاجية " أردب/فدان" متوسط نصيب الفرد"كجم" نسبة الاكتفاء الذاتى سعر الطن" ألف جنيه"
1952 1402 - 32.1 1081 - 5,2 52,9 - -
85 /86
1206 -16,3 24.4 1928 78,4 10,7 192 21 59,7
86/87 1373 13.8 26.9 2721 41.1 13.2 196.3 28.4 84.3
87/88 1422 3.5 28.2 2838 4.3 13.3 196.6 29 121.6
88/89 1533 7.8 29.1 3182 12.1 13.9 211.4 29.6 182.6
89/90 1955 23.5 35 4266 34.1 14.6 224.5 36.6 148.8
90/91 2215 13.3 38.5 4483 5.1 13.5 204.9 41.3 222
93/94 2111 -4.7 35.6 4437 -1.0 14 171.9 45.9 495
94/95 2512 19 41.7 5722 29 15.2 178.6 51.4 705.
95/96 2421 -3.6 40.1 5735 صفر 15.8 190 41 648
96/97 2486 2.7 41 5849 2 15.7 165 40.8 564.5
97/98 2421 -2.6 38.2 6093 4.2 16.8 172 47.9 462.4
98/99 2380 -1,7 37.3 6347 4.2 17.8 167 54.2 495.2
99/2000 2463 3.5 38.2 6564 3.4 17.8 162.2 65.8 540.3
2000/2001 2342 -4.9 37.3 6255 -4.7 17.8 156.3 65.6 644.6
2001/2002 2324 -0.8 35.8 6625 5.9 18.9 160 56.8 720
2002/2003 2401 3.3 27 6845 3.3 19 163 56.6 1057.1
2002/2004 2518 4.9 38.7 7178 4.9 19.1 140 68.6 1038.1
2004/2005 2592 2.9 39.8 7789 -7.1 18.7 158.6 58.7 +1500
2005/2006 2317 -3.3 26.9 6610 -8.7 18.8 154.2 53..7 +1600
المصدر : من إعداد الباحث معتمداً على : الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء ، نشرة / تطور حركة الإنتاج والتجارة الخارجية والمتاح للاستهلاك لأهم السلع الاستراتيجية فى قطاعات المواد الغذائية - الكيميائية - الهندسية ، رقم المرجع / 93 - 14100 - 2006 ، إصدار يناير 2006 . + الكتاب الإحصائى السنوى ، 1952 / 1991 ، يونيو 2002 . + موقع منظمة الفاو على شبكة المعلومات الدولية
وتجدر الإشارة إلى أنه قد زاد متوسط نصيب الفرد المصرى من استهلاك القمح عام 85/1986 إلى 192 كجم/عام وذلك كان أعلى معدل استهلاك للقمح ، فى هذه الفترة حدث أن ارتفعت نسبة ساكنى المدن المصرية والأكثر استهلاكاً للقمح من ساكنى الريف إلى 44% من جملة سكان مصر وهى نسبة مرتفعة بدرجة غير مسبوقة فى التاريخ المصرى قبل ذلك ، حيث جذبت المدن نسبة من سكان الريف فى صورة تيارات من الهجرة الداخلية ما شهدتها مصر قبل ذلك أو حتى بعد ذلك بهذه الصورة( ). هذا حدث فى ظل ظروف الانفتاح الاقتصادى الذى تبعته حالة من الإهمال للأرض الزراعية ، ذلك إلى جانب صدور قانون أعقب حرب أكتوبر ينص على : توفير وظيفة لكل مواطن قد أدى الخدمة العسكرية سواء كان من أبناء الريف أو الحضر( ).
يجب الإشارة إلى أنه بعد بناء السد العالى اتبعت الزراعة المصرية أسلوب الدورة الزراعية من أجل الحفاظ على خصوبة التربة( ).
وأسلوب الدورة الزراعية الذى كان مستخدماً ، كان أكثر اهتماماً بالمحاصيل النقدية فى بداية الأمر ، مثل القطن والأرز لتوفير النقد الأجنبى الذى كان ضرورياً للاقتصاد المصرى فى ذلك الوقت ، فقد حقق القطن فى هذه الفترة ثلث صادرات مصر ، إذا استثنينا الصادرات البترولية. وفى ظل هذه الظروف لم يشهد محصول القمح وهو المحصول المعاشى الأول الإهتمام المناسب كما هو الحال بالنسبة للمحاصيل النقدية الأخرى ، فقد شهد محصول القمح تراجعاً فى المساحة والإنتاجية والإنتاج على حد سواء مع تنامى حجم الاستهلاك( ).
وفى محاولة إنقاذ لإنتاج محصول القمح من الهبوط أثناء تلك الفترة وضعت الحكومة المصرية ما يسمى بالسياسة الزراعية( ).
وقد حققت بالفعل تقدماً ملحوظاً فى المساحة المنزرعة وإنتاج القمح ، ويتضح ذلك إذا عرفنا أن المساحة المنزرعة بالقمح زادت خلال عشر سنوات ( 1985 / 1995 ) حوالى 108% وزاد معها الإنتاج إلى حوالى 197% ، وذلك بسبب التطور الكبير فى مستوى الإنتاجية والمساحة المنزرعة ، وقد حققت إنتاجية الفدان خلال هذه الفترة زيادة أكثر من 40% ، وللمرة الأولى يصل معدل الاكتفاء الذاتى من القمح 94/1995 إلى أكثر من النصف (51.4%).
منذ ذلك الحين فقد شهدت المساحة المنزرعة بالقمح نوعاً من الثبات دون زيادة ملحوظة ، أى نحو خمسين المساحة المنزرعة بالعروة الشتوية ، وأحياناً تزيد زيادة طفيفة وأحياناً أخرى تقل بصورة طفيفة أيضاً حتى عام 2006 ، فبعد اتباع السياسة الزراعية - كما سبق الذكر - اتبعت الدولة بعد ذلك سياسات إنتاجية مرتبطة بسياسات السوق ، مفادها : أن تترك المزارعين أحراراً يزرعون ما يرغبون من محاصيل ، وخففت الدولة قبضتها وأزالت القيود التحكمية ، بحيث أصبح هيكل المزروعات يعكس إرادة المزارعين ومفاضلتهم للعائد من المحاصيل المختلفة وخبراتهم فى زراعة بعض المحاصيل دون غيرها( ).
ومع هذا الثبات فى المساحة قد واصل إنتاج القمح الزيادة منذ عام 1995 حتى عام 2005 ، من 5.72 مليون طن إلى 7.4 مليون طن ، أى زيادة نسبية قدرها 29% ، بمعدل نمو سبوى 2,9% ، وقد حقق معدل الاكتفاء الذاتى فى بعض السنوات أكثر من الثلثين من إجمالى القمح المستهلك فى مصر ، وفى أقل الحالات وصل معدل الاكتفاء الذاتى أكثر من النصف ، إذ أن الإنتاجية للفدان قد زادت فى السنوات الأخيرة حتى وصلت إلى ما بين 18 - 20 أردب / فدان . ويعد هذا المعدل من الإنتاجية فى مصر ضعفين نظيره العالمى.
وتجدر الإشارة إلى أن مصر تحتل المركز الخامس عالمياً فى هذا المجال ، ولا يسبقها فى معدل إنتاجية القمح سوى ألمانيا وفرنسا وهولندا وانجلترا - على التوالى - حيث يطول موسم الزراعة حتى يقترب من عشرة أشهر ، فى مقابل ستة أشهر بمصر ، غير أن هذه الدول تتميز عن مصر بالمناخ البارد ، الذى يعطى الحبة الفرصة الكاملة حتى تتكون وتكون كاملة الامتلاء ، فإن الشتاء المعتدل البرودة والذى يليه صيف بارد نسبياً ومرتفع الرطوبة يؤدى إلى إنتاج حبوب كبيرة الحجم وممتلئة ورخوة وذات محتوى منخفض من البروتين ، مقابل محتوى مرتفع من النشا ، وساعد على ذلك أيضاً سقوط الأمطار الغزيرة ، أو الرى الغزير خلال فترة النضج ، ويجب التذكير بأن امكانية مقاومة الأمراض هى جواز المرور لاعتماد أى صنف يمكن استخدامه مهما كان مستوى إنتاجيته( ).
ويجب التذكير بأنه يتم زراعة نحو 40% من مساحة القمح عام 2007 بتقاوى معتمدة من قبل وزارة الزراعة عالية الإنتاجية ، وباقى المساحات المزروعة بالقمح تزرع بتقاوى بلدية ، وعلى كل فإن كل المساحات استخدم فيها أصناف جديدة : جميزة 7 ، وجميزه 9 ، وسخا 93 ، وجيزة 168 ، وجيزة 93 ، والتى تعطى إنتاجية عالية جداً تصل لنحو 7.6 طن / هكتار ، أى 21.3 أردب /فدان( ). كما يمكن زيادة نسبة البروتين فى حبة القمح عندما نضيف النتروجين إليها ورش نبات القمح بمادة اليوريا عند الإزهار( ).
وإضافة لما سبق فقد لجأت الحكومة المصرية فى ظل الإقبال المتزايد على استهلاك القمح إلى محاولة إدخال عناصر أخرى بكميات أكبر من الحبوب الغذائية كالذرة والأرز بتحديد تصديره أحياناً ، وقد تراجع بالفعل على أثر ذلك متوسط نصيب الفرد من استهلاكه للقمح من 224.5 كجم عام 1990 إلى 153 كجم عام 2005 ، اى اقل بنسبياً بما يعادل 42%( ).
وتجدر الإشارة إلى أن المساحة المنزرعة بالقمح على الأراضى الزراعية القديمة عالية الإنتاجية تدور حول 2.5 مليون فدان ، ولا يمكن أن تزيد عن 3 مليون فدان فى كل الأحوال ، علماً بأنه لكى يتحقق الاكتفاء الذاتى من القمح لابد من زراعة نحو 4,5 مليون فدان على الأرض القديمة ، وذلك من الأمور صعبة التنفيذ على مساحة الأرض الزراعية القديمة والتى لا تزيد عن 8,6 مليون فدان فعلى ، ونحو 16,1 مليون فدان محصولى( ).
مكانة القمح فى مائدة الاستهلاك الغذائى للفرد المصرى :
يعتبر القمح أهم أنواع الحبوب الغذائية المستهلكة فى مصر ، وهو أهم عناصر الغذاء على الإطلاق لأغلب فئات الشعب ، وذلك منذ القدم( ) ، حيث أنه من أعمدة المحاصيل الشتوية الرئيسية فى مصر ، التى عرفها الإنسان المصرى القديم ، رغم أنه كان يبادلها مع الشعير وإن كان فى بعض الفترات يزيد استهلاك الشعير عن القمح كما كان فى العصر الفرعونى ، ثم تفوقت كمية إنتاج واستهلاك القمح على جملة الحبوب الأخرى حتى سيطرت على مجمل الحبوب الغذائية خلال العصر الرومانى ، حيث اعتمدت الدولة الرومانية بصورة مباشرة على القمح المصرى والذى كان يزرع على مساحة أكثر اتساعاً من الوقت الحالى( ).
وخلال العصر الحديث تنامى استخدام الإنسان المصرى للقمح واستحسانه على حساب الحبوب الغذائية الأخرى ، حتى أصبح الإنسان المصرى أكثر إنسان فى العالم استهلاكاً للقمح ، وبلغت قمة استهلاكه منتصف الثمانينيات فى القرن العشرين - كما سبق الذكر ، ولا يعد ذلك غريباً إذا علمنا أن القمح أهم الحبوب الغذائية عند معظم شعوب العالم ، خاصة العالم النامى ، نظراً للقيمة الغذائية التى تحتوى عليها حبة القمح( ) ، كشمال أفريقيا وأوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية واستراليا وبعض دول أسيا ، حتى أصبح القمح أكثر المحاصيل الزراعية انتشاراً فى العالم ، وزادت الدول التى تقوم بزراعته إلى 108 دولة خلال عام 2005 فى توقيتات مختلفة حسب المواقع الجغرافية ، ولذلك يتم حصاد القمح فى جميع شهور السنة فى كافة أنحاء العالم ، كما يوضح ذلك الملحق رقم (1) ، ويعتبر ذلك ميزة نسبية ، لأن ذلك يؤدى إلى الحد من أثار التغيرات المناخية عليه ، فإن عدم مناسبة الظروف المناخية فى منطقة ما يقابلها مناسبة مثل هذه الظروف فى منطقة أخرى ، وذلك يؤدى إلى تخفيف حدة تأثير الظروف المناخية على عملية الإنتاج ومن ثم الطلب عليه لغرض الاستهلاك( ).
وتعد مصر واحدة من البلدان النامية التى تتكون وجبات الطعام فيها من صنف معين يعتبر أساس الوجبة هو القمح ، ويضاف إليه بعض الأطعمة الأخرى ، كما هو الحال بدول عديدة فى منطقة البحر المتوسط يعتبر أساس الوجبة هو القمح ( ) ، إلى جانب أنه يشكل المصدر الرئيسى للبروتين لدى الغالبية من السكان ، كما هو الحال فى العالم الأقل دخلاً ( ) ، فعند انخفاض مستوى الدخل تستمد الوحدات الحرارية من مجموعة الأطعمة الأساسية التى تشكل الحبوب قوامها ، وهى تحتوى على كميات محدودة من الدهنيات النباتية المنفصلة والدهنيات الحيوانية وأيضاً كميات محدودة من البروتين الحيوانى مقابل الكربوهيدرات المركبة - غذاء الطاقة الأساسى ( ).
ومن خلال دراسة متوسط نصيب الفرد المصرى من استهلاك أهم السلع الغذائية ( ) . نجد أن متوسط استهلاك الفرد على مدار العام كان فى معظمه من الحبوب الغذائية وعمادها القمح ، وذلك منذ أكثر من نصف قرن مضى ، ويتضح ذلك فى الجدول رقم (2) والشكل رقم (2) كما يلى :
* كان متوسط نصيب الفرد من استهلاك السلع الغذائية عام 1952 نحو 376 كجم على مدار العام ، أو ما يعادل 1,032 كجم / يوم ( ) . وكان نحو الخمس فقط من هذه الكمية قمح ونحو 38% أو أكثر من الثلث حبوب غائية أخرى ( ) . ولو علمنا أن نحو 44.2% من إجمالى استهلاك الفرد عبارة عن سلع غذائية نباتية ، لعرفنا أن المكون الحيوانى وباقى المكونات الأخرى على مائدة غذاء الفرد المصرى عام 1952 لم تتجاوز 17.9% من جملة متوسط استهلاك الفرد المصرى بصفة كلية.
* بعد مضى أربعة عقود قد زاد متوسط استهلاك الفرد المصرى من كم الغذاء حتى بلغ عام 1989 / 1990 ما يعادل الضعف ، ليصل استهلاك الفرد فى اليوم 1.94 كجم ، وصل القمح ودقيقه من ذلك الإجمالى نحو 29.5 % ، بالإضافة إلى 58.1% لباقى الحبوب الغذائية والمكونات النباتية الأخرى ، ولم يبلغ المكون الحيوانى فى جملة الوجبة الغذائية لدى الفرد المصرى سوى 10.5% فقط من حجم الوجبة اليومية ، وقد شهدت هذه الفترة أعلى معدل استهلاك للفرد المصرى من القمح ، ثم أخذ يتراجع هذا المعدل فى السنوات التالية حتى وصل استهلاك الفرد 139.4كجم من جملة استهلاك الفرد من الغذاء السنوى حتى عام 2003/2004.
جدول (2)
نصيب الفرد من استهلاك أهم السلع الغذائية خلال العام
السلع 1952 89 /1990 99 /2000 2003/2004
القمح 74.5 186.5 162.2 139.4
الدقيق الفاخر - 17.5 17 17.6
الذرة 52 77.2 81.1 88.6
الأرز 16 36 38.1 52.3
الفول 1.2 6 3.9 7
العدس 1.5 0.8 1 1.2
البطاطس 8 22 16.6 25.3
الخضر 84.4 147.4 134 151.8
الموالح 17.5 36.3 30.3 33.4
العنب 4.2 12 14.6 13.8
الفواكه الأخرى 28.4 33.8 56.3 46.5
اللحوم الحمراء 5.4 13.3 12.4 13.3
الدواجن 7.2 8.7 7.3 15.3
الأسماك 9.2 8.2 13.4 15.3
زيت الطعام 2.7 6.4 6.3 6.9
المسلى الصناعى 1.6 3.2 1.9 3.5
السكر 16 26.6 33.5 27
الشاى 0.1 1.4 0.3 0.2
البيض 3.7 7.1 5.9 9.6
الألبان 41 42 77.5 76.9
البن 0.1 0.1 0.1 0.1
السجاير 1 1.3 1.4 1.8
الإجمالى 376 690.7 714.3 743
المصدر : من حساب الباحث معتمداً على : نشرة تطور حركة الإنتاج ، مرجع سبق ذكره + الكتاب الإحصائى السنوى ، 1952 / 1992 .
أو ما يعادل 18.7% والتى زاد فيها متوسط نصيب الفرد اليومى من الغذاء إلى 2.04 كجم .
* على الرغم من الزيادة المستمرة فى الإنتاج النباتى والحيوانى وما تبعها من زيادة فى حجم الاستهلاك أيضاً خلال فترة تزيد على نصف قرن ( منذ عام 1952 حتى آخر 2007 ) إلا أن هناك شبه ثبات فى الوضع النسبى لنوعية السلع الغذائية التى يستهلكها الفرد المصرى ، كما هو واضح من الجدول رقم (2) والشكل رقم (2) أيضاً ، حيث شهدت هذه الفترة استقراراً فى نسبة استهلاك القمح من جملة السلع الغذائية رغم طول الفترة بين الخمس أو أقل قليلاً والربع أو يزيد قليلاً ، وثبات مجمل الحبوب من جملة السلع الغذائية عند الخمسين وأحياناً تزيد قليلاً أو تنقص قليلاً فى بعض السنوات ، كما لم يتجاوز نصيب المستهلك من الإنتاج الحيوانى السدس أو أقل قليلاً من مجمل مائدة الغذاء للفرد المصرى ، الأمر الذى يوضح أن نمط الاستهلاك خلال هذه الفترة الطويلة يسير على وتيرة واحد دون تغيير ملحوظ فى نمط الإنتاج الزراعى وأيضاً الاستهلاك الغذائى ، ويترتب على ذلك اعتماد شبه تام على مساحة الأرض الزراعية كمصدر أساسى لغذاء الإنسان المصرى والذى يتبعه ضغط غير مسبوق على المساحة الزراعية التى عجزت عن تحقيق كفاية فى حجم الاستهلاك المطلوب توفيره للفرد المصرى فى ظل النمو السكانى على ذات الأرض الزراعية تقريباً ، وبالتالى يبدو عدم القدرة على زيادة المساحة المنزرعة من القمح على الأرض القديمة فى مصر وبالتالى استمرار العجز فى توفير القدر المناسب للاستهلاك من القمح من خلال الإنتاج المحلى ، سواء على المدى القريب أو البعيد .
حجم الاستهلاك اليومى للفرد المصرى من القمح مقارنة مع بعض دول :
مثل حجم المستهلك من القمح فى معدل الاستهلاك اليومى للفرد المصرى ما يزيد على الخمس (20.1%) كما سبق الذكر ، أى أنه يوفر نحو 1210 سعراً حرارياً من جملة السعرات الحرارية اليومية اللازمة للفرد المصرى والبالغة 3560 ، أو ما يعادل (34%) من إجمالى الغذاء خلال اليوم ( ) ، وكما هو واضح من الجدول (3 ) أنها توفر للفرد يومياً نحو 31.1 جراماً ، أو 44.4% من البروتين الذي يحتاجه ( ) ، ذلك فضلاً عن 9 جرامات من الدهون أي 22.6 % من إجمالي الدهون المستهلكة يومياً للفرد المصري ، وهى تعتبر من أهم أطعمة الطاقة اللازمة للإنسان العادي( ) .
جدول (3)
متوسط نصيب الفرد المصرى من المجموعات الغذائية فى السنة وقيمتها من الوحدات الحرارية والبروتين والدهون عام 2003 / 2004
السلعة
كجم /سنة نصيب الفرد اليومى من السعرات الحرارية نصيب الفرد اليومى من البروتين "جم" نصيب الفرد اليومى من الدهون "جم
القمح ودقيقه 157 1210 31.1 9
الحبوب الأخرى 140.9 1203 31.4 8.9
البطاطس والدرنيات 20.3 51.9 0.8 0.1
السكر 27 261.9 - -
البقوليات 9 44.6 3.2 4.9
الخضر 151.9 97.2 4.6 0.8
الفاكهة 93.7 112.9 1.9 0.6
اللحوم 13.3 59.9 5.3 4.1
الدواجن 15.3 68.9 6.1 4.7
الأسماك 15.3 29.1 9.2 2.6
الألبان 76.9 106.1 6.2 6.9
الزيوت 10.4 251 0.1 28.3
سلع أخرى
7.1 66.7 2.1 0.6
الإجمالى 743 3562.7 102 71.5
المصدر :
من حساب الباحث معتمداً على : نشرة تطور حركة الإنتاج والتجارة الخارجية والمتاح للاستهلاك ، مرجع سبق ذكره . + الكتاب الإحصائى السنوى ، 2004 . +
FAO production year Book ,2006 .
وتجدر الإشارة إلى أنه مع الزيادة الملحوظة في كمية استهلاك الفرد المصري يومياٍ من القمح منذ منتصف القرن الماضي ومع ارتفاع مستوى المعيشة والإقبال على استهلاك القمح تزيد مشكلة عدم تحقيق الكفاية من القمح ، لأن ذلك يتطلب زيادة الرقعة الزراعية إلى 4.5 مليون فدان للوصول إلى مستوى الاكتفاء الذاتي من القمح في هذه الفترة وهذا أمر صعب الأن . أو تزيد كمية المستورد منه إلى نصف كمية الاستهلاك ( 6 مليون طن ) كما سبق توضيح ذلك ، ويزداد الأمر صعوبة مستقبلاً في حالة ثبات معدل استهلاك الفرد المصري اليومي من القمح مع التزايد المستمر في عدد السكان ، إذ أن سكان مصر سوف يزيد عن 90 مليون نسمة عام 2025م( ) ، ومعها سوف يتراجع معدل الاكتفاء الذاتي من القمح إلى 47 % بعد أن كان في عام 1999م / 2000م قد وصل إلى 66 % من جملة الاستهلاك ، كما أنه سوف تزيد نسبة الاستهلاك في كمية القمح بنسبة 21.4 % عن الوقت الحالي ، وقتها سوف تزيد الحاجة إلى المساحة التي يجب زراعتها قمح بنسبة 73.8 % من المساحة المحصولية الشتوية على الأرض الزراعية القديمة( ).
ومع زيادة الطلب على القمح في الوقت الذى يزيد فبه الاستهلاك يزداد الاعتماد على الخارج في الاستيراد وذلك أمر مشوب بالخطورة ، بسبب الزيادة المضطردة والمستمرة في أسعار القمح العالمية من عام إلى أخر مع حجم النقص الكبير فى الإنتاج اللازم للاستهلاك ، كما يوضح ذلك الجدول رقم (4) ، حيث أن سعر طن القمح في تزايد مستمر من عام لأخر ، لأنه منذ منتصف الثمانينيات حتى منتصف التسعينيات قد تضاعف سعر طن القمح بنحو 12 ضعف أو بمعدل زيادة سنوية 140 % ، وزاد منذ منتصف التسعينيات حتى أواخر عام 2007م إلى 1744 جنيه / طن أو نحو 169 % بمعدل زيادة سنوية 15.4 % ، بل يزداد الأمر صعوبة بسبب القفز المتوالي والمفاجىء فى السعر ، الذى قفز في أسبوع واحد أربع مرات عالمياً حتى سجل أرقاماً قياسية غير مسبوقة تزيد عن 300 دولاراً لسعر الطن من القمح الأحمر اللين ، خاصة في ظل احتياطي المخزون الذي لا يتجاوز 3 أشهر فقط في مصر وفي أغلب الأحيان ، كما يلاحظ أن متوسط الأسعار العالمية الشهرية للقمح الأبيض اللين والقمح الأحمر الصلب خلال يناير 2007 ، فبراير 2008 أخذت نفس المنحنى الزمني لمتوسط الأسعار العالمية للقمح الأحمر اللين " 561.8 دولاراً للطن " أي ما يزيد عن ثلاثة ألاف جنيه مصري للطن ، كما بلغ متوسط السعر العالمي للقمح الصلب 286.9 دولاراً للطن خلال نفس الشهر ، حسب السعر الذي قررته " فوب "( ).،علماً أنه تتحدد الأسعار العالمية لأي سلعة وفقاً لقوى العرض والطلب في الأسواق العالمية ، إلا أن الأسعار العالمية للقمح تحكمها سياسات الدول المصدرة له ، وتتم التجارة العالمية للقمح في بورصات رئيسية من أشهرها بورصات : شيكاغو ، وليفربول ، وكنساس ستي ، ويورونكست ، وتعتبر تغيرات الأسعار في هذه البورصات هى المؤشر العام لتغيرات الأسعار العالمية للقمح في الدول المصدرة.
ويبدو أن الزيادة وعدم الاستقرار في الأسعار مستمر ، حيث شهدت الظروف الاقتصادية الدولية تغيرات حادة منذ أواخر القرن العشرين فى إنتاج وتجارة السلع الزراعية ، وتتمثل هذه التغيرات في إتفاقية الجات والتي دخلت حيز التنفيذ بالفعل في بداية عام 1995 ، وقد تضمن هذا الاتفاق باباً يتعلق بتخفيض دعم الصادرات الزراعية باعتبار أن هذا الدعم يشكل نوعا من الحماية كما أنه يمثل عاملاً مشوهاً لهيكل الأسعار في الأسواق الدولية ، وقد أدى الاتفاق لدى بدء تنفيذه إلى حدوث ارتفاع كبير في أسعار بعض السلع الزراعية وعلى رأسها القمح والحبوب الأخرى ، كما وضح في الجدول ( 4) والشكل (3) . فكانت العديد من الدول الصناعية المتقدمة تقدم دعماً إلى مزارعيها لرفع قدراتهم التنافسية في الأسواق الدولية بما يدعم أهدافاً محددة كى تسيطر بها على حركة الصادرات الدولية للحبوب من أجل أغراض تعد استراتيجية وسياسية ( ) .
إضافة إلى ما سبق ، تعتبر زيادة الطلب العالمي على الإنتاج الزراعي ، خاصة الذرة والقمح والشعير والمحاصيل السكرية والزيوت النباتية لاستخلاص الإيثانول والديزل الحيوي من أهم العوامل التي تدعم الاتجاه التصاعدي للأسعار العالمية لهذه المنتجات ، على الرغم من أن محاصيل الحبوب تعتبر من المحاصيل الغذائية الأساسية للعديد من الدول ، خاصة الدول الفقيرة ، إلا أن محصول القمح هو المحصول الأول لإنتاج الإيثانول في دول الاتحاد الأوربي( ) .
على الرغم من ارتفاع عدد السكان بالعالم خلال عام 2006 بما يعادل 1.6 % مقارنة مع عام 2005 ، إلا أن الإنتاج العالمي للقمح خلال عام 2006 سجل انخفاضاً نسبته 2.2 % مقارنة بعام 2005 وذلك قد ساعد على ارتفاع الأسعار العالمية للقمح نتيجة لنقص المعروض من القمح وزيادة الطلب عليه ، وفي ظل هذه الظروف ووفقاً لإحصاءات وزارة الزراعة الأمريكية ، انخفض المخزون العالمي من القمح خلال عام 2006 بنسبة 16.1% ليصل إلى 125 مليون طن مقارنة بعام 2005 ، كما انخفض المخزون العالمي من القمح بنسبة 19.4 % مقارنة بعام 1995 وذلك نتيجة لانخفاض الإنتاج العالمي للقمح وارتفاع الاستهلاك العالمي منه( ) .
جدول (4)
تطور أسعار القمح فى التجارة 1985/2007
السنة
سعر الطن "جنيه مصرى" نسبة الزيادة السنوية
85/1986 50.5 -
1987/86 59.7 18.2
1988/87 84.3 42.2
1990/89 182.6 50.2
1991/90 148.8 18.5-
1994/93 184 23.7
1995/94 459 149.5
1997/96 648 20.4
1998/97 564.5 -12.9
1999/98 462.4 -18.1
2000/99 495.2 7.1
2000/2001 540.3 9.1
2002/2001 644.6 19.3
2003/2002 720 11.7
2004/2003 1057.1 46.8
2007 1744 67.9
المصدر : FAO Trade Year Book , 2007 + FAO Internet
ويبدو أن أسعار القمح لم تعد تشهد نوعاً من الاستقرار وبصورة مستمرة وذلك بسبب تأثرها بأسعار البترول العالمية ومصادر الطاقة الأخرى ، وذلك لأن استخدام الطاقة في الزراعة أصبح كثيفاً ، للاعتماد المتزايد على الميكنة خلال مراحل الزراعة المختلفة وصناعة الأسمدة والنقل وغير ذلك من وسائل إنتاج واستهلاك وتجارة القمح ، وليس ذلك من باب التوقعات الغير مؤكدة ، بل سيحدث ذلك كما حدث في فترة الثمانيتات من القرن الماضي ، حيث أدى ارتفاع أسعار النفط إلى ارتفاع أسعار كافة السلع الناتجة عن حركة الإنتاج والتجارة والاستهلاك ، وحدث على أثر ذلك أن رفعت الدول المنتجة أسعار الإنتاج ، ولم تتأثر بذلك الدول البترولية بطبيعة الحال بسبب ارتفاع عائداتها من البترول فى ذلك الوقت ، بل الذي تأثر بذلك هى الدول النامية المستوردة والغير نفطية ، ومصر ضمن هذه الدول بطبيعة الحال ( ).
العبء الناتج عن ارتفاع معدل استهلاك الفرد المصرى من القمح :
تقع مصر ضمن الدول العشر الكبرى الأكثر استهلاكاً للقمح في العالم عام 2005 ، كما هو واضح من الملحق رقم (2 ) ، مثلت الصين المرتبة الأولى بنسبة 16.6% تلتها الهند بنسبة 11.1% ثم روسيا بنسبة 6.2% ثم الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 5.5% ومصر بنسبة 2.6% وأخيراً إيران بنسبة 2.2% ، وتستهلك باقي دول العالم حوالي 42.4 % من الاستهلاك العالمي للقمح الذي بلغ نحو 610.5 مليون طن.
ومن جهة ثانية احتلت أسبانيا المرتبة الأولى بين الدول المستوردة للقمح بنسبة 6.2% خلال عام 2005 ، كما هو واضح من الملحق رقم (3 ) ومثلت مصر المرتبة الثانية بنسبة 6.1% وتلتها ايطاليا والجزائر بنسبة 5.7% ، 4.7% على التوالي ، وأخيراً المكسيك ونيجيريا بنسبة 3 % لكل منهما ، ليصل بذلك مجموع حصص الدول العشر الكبرى المستوردة للقمح في العالم عام 2005 إلى 45.1% من جملة المستورد التى بلغت 120.3 مليون طن ، مقارنة بحصة باقي دول العالم التي بلغت 57.9% .
ومع متابعة تطور كمية الواردات المصرية من القمح خلال الفترة (1975/2005) ، ونسبتها من كمية الواردات العالمية ، نجد أنه قد ارتفعت كمية الواردات المصرية من 2005 بنسبة زيادة 142.2% كما في المحلق رقم ( 4 ) وارتفعت كمية الوردات المصرية من القمح خلال عام 2005 مقارنة بعام 2000 بنسبة زيادة 46 % .
وجاءت مصر في المرتبة الثانية بين دول العالم لاستيراد القمح عام 2005 بعد أن كانت في المرتبة السابعة عام 2000 ، وهو ما يعنى زيادة كمية الواردات المصرية ، وظلت الولايات المتحدة الأمريكية تمثل النصيب الأكبر من الوردات المصرية من القمح ( 1995 / 1999 ) انخفضت إلى 20.1% عام 2007 مقابل 93.2% عام 1995 كما هو واضح في الشكل رقم ( 4 ) ، ثم اختلفت خلال الفقرة ( 2003 /2007 ) ، وذلك بظهور دول جديدة مثل روسيا التي بلغت نسبتها 22.3% واستراليا 9.7% وفرنسا 5.1% وغيرها من الدول الأخرى .
ومن خلال كمية القمح المستهلك من مجموع الوجبات الغذائية للفرد المصري ، يتضح أن استهلاك القمح على هذا الوضع يمثل عبئاً ثقيلاً على ميزانية الدولة التي حددت أكثر من 17 مليار جنيه من ميزانيتها للدعم الغذائي خلال العام 2007 / 2008( ).
وسوف يستحوذ دعم القمح منها على النسبة الأكبر كما كان عام 2006 / 2007 عندما كانت واردات السلع الزراعية 15.4 مليار جنيه مصرى ، كانت نسبة واردات القمح منها نحو 58% ( ) ، ولما مثلت كمية القمح ودقيقه نحو 20.1% من كمية الغذاء المستهلك للفرد المصرى كما سبق الذكر ، إلا أن القيمة النقدية لهذه الكمية المستهلكة بلغت 12.5% من جملة قيمة الكمية المستهلكة من المواد الغذائية للفرد المصرى بصفة عامة كما هو واضح من الجدول رقم (5) والشكل رقم (5) ، علماً بأن المساحة المنزرعة بالقمح فى مصر قد بلغت 18.2% من جملة المساحة المحصولية .
ولكى يتحقق الاكتفاء الذاتى يجب زيادة هذه المساحة إلى نحو 36% من إجمالى المساحة المحصولية ، وفى هذه الحالة سوف تتأثر محاصيل العروة الشتوية الأخرى وعلى رأسها البرسيم الذى تمثل مساحته 24.1% من إجمالى المساحة المحصولية ، وفى المقابل فقد مثلت 39.2% من قيمة استهلاك الفرد المصرى ، علاوة على أنها مصدر لمنتج حيوانى بروتينى هام جداً لغذاء الانسان المصرى ، وذلك فى ظل تساوى قيمة استهلاك الخضر من جملة كمية استهلاك الفرد من الغذاء (12.5%) ومثلت المساحة المنزرعة بالخضر من جملة المساحة المحصولية (13%) .
ويتضح من خلال التأمل فى القيمة النقدية لقائمة الاستهلاك الغذائى اليومى للفرد المصرى أن قيمة ما يستهلكه قد بلغ نحو 6.7 جنيه مصرى ، الأمر الذى جعل هناك تهافتاً من أجل الحصول على رغيف الخبز ، لاعتباره مدعوماً بما يقارب الثلثين من ثمنه ، ذلك فى وقت تضاعفت فيه متطلبات الحياة من أنواع الغذاء الأخرى إضافة إلى الكساء والأثاث والصحة والتعليم والثقافة ...إلخ ، فقد أعلن البنك الدولى فى تقريره 2006/ 2007 أن نحو 40% من المصريين تحت خط الفقر ( ) ، وذهب الأمر إلى أبعد من ذلك حينما أعلنت السفارة الأمريكية بالقاهرة من خلال تقرير شامل لها أن نحو 52% من المصريين تحت خط الفقر ، كما أن نحو 68% من جملة المصريين يحصلون يومياً على أقل من دولارين( )
وفى تقرير سابق للبنك الدولى عن مصر أشار فيه إلى أن 75% من الإنفاق العائلى لدى الشرائح المنخفضة فى الدخل يخصص إلى الطعام وعلى رأسه القمح ، وتتركز هذه المجموعات الفقيرة بصورة أوضح فى محافظات الصعيد( )
جدول (5)
نصيب الفرد المصرى اليومى من قيمة السلع عام 2007
السلعة القيمة بالجنيه المصرى % من جملة الاستهلاك الغذائى % من السلع المستهلكة
القمح 243.1 10 18.7
الدقيق 61.6 2.5 2.4
الذرة 132.9 5.5 11.9
الأرز 156.9 6.4 7
الفول 28 1.1 9
العدس 6 0.2 0.2
البقول 6.8 0.3 0.2
البطاطس 38 1.6 3.4
الخضروات 265.7 10.9 20.4
الموالح 50.1 2.1 4.5
العنب 24.2 -0.1 1.9
الفاكهة الأخرى 104.6 4.3 6.3
اللحوم الحمراء 432 17.7 1.9
الدجاج 137.7 5.6 2.1
الأسماك 137.7 5.6 2.1
الزيوت 48 2 0.9
المسلى الصناعى 24.5 -0.1 0.5
السكر 89 3.7 3.6
الألبان 250 10.3 10.3
سلع أخرى 201 8.2 0.9
الإجمالى 2437.4 100 100
المصدر : من حسابات الباحث اعتماداً على بيانات الجداول المختلفة .
وتركزت نسبتها فى الريف أكثر من المدن ، كما هو واضح فى الجدول ( 6) والشكلين (6) و(7) ، حيث يتمثل فقراء الريف فى الفلاحين الذين لا يملكون أرضاً زراعية ، أو الذين يملكون حيازات زراعية صغيرة أو قزمية ، إلى جانب العمال الزراعيين ، إذ بلغت نسبة الذين يستهلكون أكثر من 55% من حجم الإنفاق على الحبوب الغذائية فى الريف من إجمالى الدخل نحو 61.92% من جملة سكان الريف كمتوسط عام " 27.5 مليون نسمة " أما النسبة المتبقية 17 مليون نسمة " فيقل نسبة إنفاقها على الحبوب ، وزادت فيها نسبة استهلاك القمح من جملة الحبوب الغذائية إلى ما بين 30 - 40% ، إلا أن هناك عدة محافظات تزيد هذه النسبة فيها عن المتوسط العام فى الريف ، نظراً لاعتمادها على الحبوب والقمح بصورة أكبر من حجم متوسط الإنفاق على الحبوب فى الريف ، وتتركز هذه المحافظات فى الصعيد ، كما هو الحال فى محافظات بنى سويف والفيوم والمنيا وأسيوط وسوهاج ومطروح وشمال سيناء، أما عن باقى المحافظات فتقل النسبة فيها بصورة ملحوظة ، كما فى محافظات دمياط والقليوبية والجيزة ، وباقى المحافظات الأخرى كانت حول المتوسط العام الخاص بالريف المصري.
جدول ( 6 )
توزيع نسبة المصريين الذين تزيد نفقاتهم على الحبوب الغذائية أكثر من 55% من إجمالى الإنفاق الكلى
المحافظة الحضر الريف
القاهرة 27.3 -
الإسكندرية 30.1 -
بور سعيد 31.6 -
السويس 29.6 -
دمياط 17.7 37.3
الدقهلية 26.9 61.5
الشرقية 27.9 62,1
القليوبية 31.7 43.1
كفر الشيخ 31.2 73.2
الغربية 32.5 55.6
المنوفية 27.4 57.7
البحيرة 32 70
الاسماعيلية 26.7 56
الجيزة 24.9 40.6
بنى سويف 29 69.4
الفيوم 25.6 69.7
المنيا 29.3 76
اسيوط 29.5 74.4
سوهاج 31.1 68.6
قنا 29.8 60.9
أسوان 32.5 56.7
الأقصر 32.5 51.4
البحر الأحمر 32.3 53.1
الوادى الجديد 29.9 51.6
مطروح 17.3 74.5
شمال سيناء 29.8 71.2
جنوب سيناء 25.7 57.4
مصر 28.5 61.9
المصدر : من حساب الباحث اعتماداً على : التعداد العام للسكان والإسكان والمنشأت ، إجمالى الجمهورية ، 1996 ، التعداد النهائى . + التعداد العام للسكان والإسكان والمنشأت + إجمالى الجمهورية 2006 .
شكل ( 6 ) التوزيع الجغرافي للسكان الذين تزيد نفقاتهم عن الحبوب
الغذائية عن 55 % من الدخل بالريف المصري عام 2006 .
أما فى المدن ، فالفقراء هم الذين يعملون فى الصناعة والخدمات وشرائح كبيرة من العاملين فى الإدارات الحكومية ، وبين من يعملون لصالح أنفسهم فى القطاعات الهامشية ، وبالذات العمال غير المهرة ، بالإضافة إلى الأرامل والمسنين والمرضى والمعوقين وممن يعيشون على الإعانات والتحويلات المالية المباشرة " أصحاب المعاشات والإعانات الاجتماعية"( ).
شكل ( 7 ) التوزيع الجغرافي للسكان الذين تزيد نفقاتهم عن الحبوب
الغذائية عن 55 % من الدخل بالمدن المصرية عام 2006 .
وفيها تتركز الفئات الأكثر اعتماداً على الحبوب الغذائية وخاصة القمح المدعوم من جانب الحكومة بطبيعة الحال ، وقد بلغت نسبة الذين يستهلكون أكثر من 55% من حجم الحبوب الغذائية ما يزيد على 60% منها قمح نحو 28.52% من جملة سكان المدن ، او نحو 9.6 مليون نسمة عام 2006 ، وتزيد النسبة عن متوسط نسبة المدن ، وذلك فى المدن التابعة إلى محافظات الغربية والقليوبية وبور سعيد والإسكندرية والبحيرة وسوهاج وأسوان وقنا والأقصر والبحر الأحمر وشمال سيناء والوادى الجديد وأسيوط وبنى سويف والمنيا والسويس ، وتقل هذه النسبة فى مدن باقى المحافظات ، ويوجد تقارب فى النسبة بين كافة مدن محافظات مصر ، فيما عدا محافظتى مطروح ودمياط ، وتقل النسبة بهما إلى 17.7% و 17.32% على التوالى.
وقد ركزت الحكومة المصرية منذ ثمانينيات القرن العشرين على برنامج التثبيت فى الإجور والتكيف الهيكلى وإلغاء الرقابة على الأسعار وعدم التدخل الحكومى فى الأسواق ، وإلغاء الدعم وزيادة أثمان السلع والخدمات والعمل على الاقتراب من ما يسمى الأسعار العالمية ، ويتم ذلك تحت عناوين محددة ، مثل " تحرير الأسعار " و " إزالة التشوهات السعرية " والوصول إلى الأسعار الاقتصادية طبقاً للاتفاق الذى وقعته الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولى فى 17 مايو 1991( ).
وكان نتيجة ذلك ظهور انخفاض فى مستوى إشباع الحاجات الأساسية لدى قطاع عريض من الشعب المصرى ، والسرعة فى التفاوت عند توزيع الدخل والثروة مع تحرير تجارة الاستيراد وانتشار الأنماط الاستهلاكية والترفيهية لدى أصحاب الدخول المرتفعة ، الأمر الذى جعل أمر دعم رغيف الخبز من الحتميات على الحكومة المصرية فى ظل الهوة الواسعة والواضحة بين انخفاض الدخول لدى القاعدة العريضة من السكان فى ظل ارتفاع أسعار السلع وتحريكها المستمر( ).
تفرد الفرد المصرى فى استهلاكه للقمح مقارنة ببعض الدول :
بداية يعد الفرد المصرى أكثر فرد فى العالم استهلاكاً للقمح لتصبح هذه الطريقة فى الاستهلاك فريدة بين دول العالم ، على الرغم أن قرابة النصف مما يستهلك يتم استيراده من الخارج ، فعندما يحتاج الفرد المصرى لزراعة 227.5 متر مربع بالقمح نصفها تقريباً يزرع بالخارج ، نجد أن متوسط ما يحتاجه الفرد على مستوى العالم من مساحة أرض مزروعة بالقمح 136 متر مربع فقط ، كما هو واضح فى الشكل ( 8 ) كما لا يحتاج الفرد الفرنسى الذى تصدر بلاده القمح لمصر سوى 115.5 متر مربع من الأرض المنزرعة بالقمح ، كما لا يحتاج الفرد البريطانى سوى 105 متر مربع لهذا الغرض ، والإسرائيلى لنحو 122.5 متر مربع ، والروسى الأكثر استخداماً للقمح من المتوسط العالمى 152.3 متر مربع ، وكذلك التركى لا يحتاج سوى 138.3 متر مربع من الأرض التى تزرع بالقمح.
ومع ذلك يتم التعامل مع مخزون القمح بطريقة بدائية وعشوائية ، فسياسة الدولة من خلال الهيئة العامة للسلع التموينية مفادها : أن يكفى المخزون من القمح لمدة تتراوح بين 4 - 6 أشهر ، وعلى الرغم من أن الطاقة التخزينية محدودة ، فإن استراتيجية التخزين تقوم على عمل خط استيراد يكفى للاستهلاك لمدة 3 أشهر ، بتوقع أن يكون إجمالى طاقة التخزين واحد مليون طن ، منها 35% فى أجران أو صوامع فى ثلاث موانىء مختلفة ، ونحو 25% فى صوامع داخل البلاد ، ونحو 40% فى أماكن تخزين مفتوحة فى بعض عواصم المحافظات ، وبالإضافة إلى سياسة التخزين الحكومى ، فإن هناك بعض المطاحن الخاصة والتجار يقومون بتخزين نحو نصف مليون طن خاصة بهم ( ).
وقد نتج عن ذلك فقد وإتلاف كميات كبيرة من القمح ودقيقه ، وصلت نحو 4% فاقد خلال عمليات النقل والتخزين ، ونحو 3% تتجه إلى غذاء الحيوان أو فى صورة مكونات غذاء الأعلاف ، كما أن التخزين فى العراء أو الصوامع أو المطاحن يتلف كميات كبيرة منه تظهر عند استخدامه فى المخابز ، حيث تنتج خبز غير مطابق للاستخدام البشرى ، خاصة عندما يكون القمح من النوع المستورد وتقل فيه نسبة الجيلاتين والتماسك أو العرق ، وبسبب ذلك صرح وزير الزراعة المصرى بأن نسبة الفاقد من القمح قد تتعدى 30% من الحجم المتاح من أجل الاستهلاك( ).
ومع تتابع الحكومات فى مصر كانت جميعها تواجه مشكلة ارتفاع معدلات استهلاك الفرد المصرى من القمح وزيادة الفجوة وتحقيق المزيد من العجز بين الحجم المنتج وحجم الاستهلاك بحلول عشوائية وقتية بدون خطط مدروسة ومتتابعة من حكومة إلى أخرى ، وبدون تعاون الوزارات التى يهمها هذا الأمر مثل وزارة الزراعة والرى والتضامن الاجتماعى والمالية والتخطيط... إلخ.
وإذا لاحظنا أسلوب الفرد المصرى فى اعتماده على القمح الذى يستهلكه وقارناه مع غيره فى دول أخرى ، يتضح أن أسلوب الاستهلاك المصرى لا يجد من يخطط له بصوره جيدة وعلمية ناجحة ، بل إن الإسلوب المتبع ليس فى صالح الوضع الزراعى الأمثل.
وبنظرة تأملية فى طبيعة ونمط استهلاك الفرد للقمح فى العديد من الدول مقارنة بنظيره المصرى كما فى الجدول رقم (7) والشكل رقم (9) يتضح أن اسلوب الاستهلاك المصرى لا يجد من يخطط له بصورة واعية ومدروسة ، وأن طبيعة استهلاك القمح فى مصر ينم عن سلوك نمطى متوارث
الأربعاء يونيو 22, 2016 6:44 pm من طرف khaled
» القضاء الاداري يصدر حكما بإلغاء اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية
الثلاثاء يونيو 21, 2016 5:25 pm من طرف khaled
» جبتلكو سلسلة رويات رجل المستحيل المعروفة للتحميل المباشر
الإثنين ديسمبر 28, 2015 5:53 pm من طرف abazer
» العلاقات المصرية السودانية في عهد محمد علي وخلفاؤه
الجمعة يناير 17, 2014 10:28 am من طرف khaled
» انجولا وحظر الاسلام (1)
الخميس نوفمبر 28, 2013 12:21 pm من طرف Ibrahimovech
» التفسير الاقتصادي للتاريخ
الأربعاء يونيو 19, 2013 1:34 am من طرف khaled
» كرسي العناد ........ السلطة سابقا
الثلاثاء يناير 29, 2013 5:56 pm من طرف khaled
» جمهورية جزر القُمر الاسلامية الفيدرالية دراسة جغرافية
الأحد يناير 06, 2013 2:21 am من طرف khaled
» بعض الفروق السياسية بين المجلس العسكري الي حكم مصر بعد الثورة وبين الاخوان لما وصلوا للحكم
الأربعاء نوفمبر 28, 2012 6:14 pm من طرف khaled