إن التاريخ هو مجمل الأحداث التى مرت بحياة الشعوب والأمم، وهو خلاصة التجارب الماضية والخبرات السابقة توضع بين أيدى الأجيال الحالية لكى تستفيد منها فى تجنب مواطن الخطأ، وتفهم حقيقة الحاضر، ورسم خطط السياسات المستقبلية. والهدف من دراسة التاريخ فى مدارسنا هو الوقوف على جهود وأعمال الأجيال السابقة، وإبراز دورها الحضارى والبطولى فى تاريخنا الوطني، وتنمية الاعتزاز بالتراث والقيم الثقافية والروحية للإنسان المصرى والعربي، وحتمية العمل على إنجاز المهام الوطنية المنوطة بنا، خاصة فى مواجهة القوى المتحدية لنا، ومن المسلم به أنه لا توجد أمة من الأمم على سطح الأرض تستطيع الاستغناء عن رموزها التاريخية المضيئة لكى تنير لها سبيل الحاضر وآفاق التقدم فى المستقبل، لأن سبيل التقدم يستدعى توفر الخبرات السابقة لتحديد مواطن الضعف والقوة فى المجتمع لخوض معركة التطور، وتحديد العدو والصديق، وما يمكن قبوله أو رفضه فى الشئون التى تواجهنا.وإذا كان من المسلم به أننا إذا أردنا أن نزرع المستقبل فلنزرع رجالاً فإنه لكى نضمن نضج ووعى الطلاب رجال المستقبل لابد أن نضمن أن بناءهم الثقافى والمعرفى قوي، ويتحقق ذلك أولاً من خلال مناهج ومقررات دراسية علمية وثقافية متقدمة تستطيع أن تطور أبناء المجتمع فى عصر العولمة، فألمانيا التى دمرت فى الحرب العالمية الثانية استطاعت فى فترة وجيزة تضميد جراحها، وفرض وجودها، وخلق نهضة صناعية كبري، والسبب فى ذلك هو عظمة الإنسان الألمانى نفسه، الذى لم يفقد إحساسه القومي، ولم يسقط موروثه التاريخى والمعرفي، وتتشابه تجربة اليابان إلى حد كبير مع التجربة الألمانية. ولقد كانت مادة التاريخ مادة إختيارية فى نظام الثانوية العامة، ثم أصبح التاريخ مادة اجبارية يدرسها جميع طلاب القسم الأدبى بدءاً من العام الدراسى 1998/1999، وفى النظام الجديد المقترح للثانوية العامة يصبح التاريخ مرة ثانية مادة اختيارية، ويتقلص عدد الحصص المخصصة له أسبوعيا إلى ثلاث حصص بدلا من أربع حصص فى النظام الحالي، ومعنى ذلك مزيد من تقليص وتلخيص مادة التاريخ الذى هو ناقص بالفعل ومشوه، أى أنه سيكون مينى تاريخ، ويسير فى نفس اتجاه تقليص التاريخ عدم وضع مادة التاريخ ضمن مواد المستوى الرفيع كمادة اللغة الأجنبية أو مادة الجغرافيا، هل معنى ذلك عدم أهمية التاريخ؟ أم أنه لم تعد هناك أحداث تاريخية تستحق الذكر، وتستوجب الاهتمام بها؟ أم أن التاريخ غير مهم فى بلد التاريخ؟. والواقع أنه من الضرورى أن تكون مادة التاريخ مادة إجبارية فى جميع مراحل التعليم بما فى ذلك مرحلة التعليم الثانوى بشعبيتها العلمية والأدبية، بل وفى مرحلة التعليم الفنى حتى لا يفتقد طلابنا وشبابنا الزاد التاريخى والثقافى الذى يحافظ على كيانهم الوطنى وهويتهم القومية والسؤال الذى يطرح نفسه أنه كيف نفعل ذلك بتاريخنا فى وقت تصنع فيه إسرائيل لنفسها تاريخا من العدم ونحن نسقط من ذاكرتنا ووعينا أطول تاريخ عرفته الانسانية؟ إنه لو حدث ذلك الإهمال لمادة التاريخ فسوف يكون جريمة كبرى فى حق هذا الوطن.والسبب فى ضرورة جعل التاريخ مادة اجبارية -اضافة لما سبق- أن الطلاب يحجمون عن اختيار مادة التاريخ ويختارون مواد أخرى أكثر سهولة تمكنهم من تحصيل درجات أكبر فى الثانوية العامة، ففى دراسة استبيانية تمت على مدارس ميت غمر الثانوية بمحافظة الدقهلية، ومدرسة ابن خلدون الثانوية بإدارة الزيتون التعليمية ومدرسة جمال عبدالناصر الثانوية بإدارة مصر الجديدة التعليمية خلال العام الدراسى 97/1998، اتضح أن نسبة اختيارات الطلاب لمادة التاريخ فى القسم الأدبى كانت حوالى 10% فقط، والسبب فى ذلك يرجع إلى هروب الطلاب من هذه المادة التى تحتوى على كثير من الدول والأحداث، وأسماء الملوك، والأبطال، والمدن، والتواريخ مما يمثل عبئا ثقيلا على عقل الطالب وصعوبة فى استيعابها ويلجأ للمواد الأكثر سهولة لتحقيق مجموع أكبر يدخله الكلية المناسبة. ويعلق بعض المدرسين والموجهين على هذا الموقف بقولهم إنه غير معقول لأمة تنسى تاريخها وتلغى ذاكرته أن تدوم وطالب هؤلاء وغيرهم من الصحفيين والمفكرين وأساتذة التربية بضرورة جعل التاريخ مادة اجبارية فى الثانوية العامة، ونتيجة احساس وزير التعليم السابق حسين كامل بهاء الدين بخطورة أن التاريخ كان مادة اختيارية لايختارها الطلاب وما فى ذلك من آثار سلبية على الثقافة والهوية القومية قرر فى 14 يناير 1998 بأن يكون التاريخ مادة اجبارية للثانوية العامة ابتداء من العام الدراسى 98/1999 وقد ظل هذا القرار ساريا حتى الآن. ولما طرحت وزارة التعليم نظامها الجديد للثانوية العامة 2005 وعلق بعض خبراءالتربية والتعليم والمفكرين على هذا النظام فذكر د.عاطف محمد بدوى أن مادة التاريخ يجب التركيز عليها ولا يمكن أن تكون مادة اختيارية لايدرسها حتى طلاب القسم الأدبى فيخرج طلابنا من المدارس دون معرفة تاريخهم فيعيشون بلا هوية فى عالم اشتدت فيه عوامل التلوث الفكرى والسمعى والبصري، ويستطرد فيقول.. مصر بلد التاريخ تفعل ذلك بينما بلد مثل فرنسا يثير قلقها الآن التدفق الاعلامى والثقافى القادم لها من الولايات المتحدة الأمريكية، وتعتبره ظاهرة تهدد الأمن الثقافى والوحدة والهوية الفرنسية والأوروبية، حتى الولايات المتحدة التى عمر تاريخها لا يصل إلى 300 عام تجعل التاريخ مادة يدرسها جميع الدارسين فى مؤسساتها التعليمية، ويرى د.محمود اسماعيل استاذ التاريخ الاسلامى بآداب عين شمس أن الهجوم علينا أصبح علنيا وبلا مواربة، فاما أن نتصدى للموجات الغازية لنا، ونحافظ على انتمائنا القومى لمواجهة العولمة، والتصدى للغزو الثقافي، ونشر ثقافة التبعية ودروس التاريخ تحافظ على كياننا. واذا كان هدف الوزارة من نظامها الجديد القضاء على الدروس الخصوصية، فإن الحل الوحيد الذى تتهرب منه الحكومة هو رفع رواتب المدرسين، وتطوير أوضاعهم الاجتماعية باعتبارهم المسئولين عن بناء شباب المستقبل، وليس الحل ايضا بتقليل عدد المواد http://www.al-araby.com/docs/article7872.htmlالاجبارية، أو زيادة عدد المواد الاختيارية، ولذلك نطالب بأن يكون التاريخ مادة إجبارية لطلاب الثانوية العامة إذا كنا نريد بقاء هذا الوطن.
بحـث
المواضيع الأخيرة
بحـث
المواضيع الأخيرة
ازرار التصفُّح
ازرار التصفُّح
التبادل الاعلاني
التبادل الاعلاني
لماذا من الضرورى أن يكون التاريخ مادة إجبارية فى الثانوية العامة؟
أبو تريكة- عدد المساهمات : 10
نقاط : 26
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/12/2009
إن التاريخ هو مجمل الأحداث التى مرت بحياة الشعوب والأمم، وهو خلاصة التجارب الماضية والخبرات السابقة توضع بين أيدى الأجيال الحالية لكى تستفيد منها فى تجنب مواطن الخطأ، وتفهم حقيقة الحاضر، ورسم خطط السياسات المستقبلية. والهدف من دراسة التاريخ فى مدارسنا هو الوقوف على جهود وأعمال الأجيال السابقة، وإبراز دورها الحضارى والبطولى فى تاريخنا الوطني، وتنمية الاعتزاز بالتراث والقيم الثقافية والروحية للإنسان المصرى والعربي، وحتمية العمل على إنجاز المهام الوطنية المنوطة بنا، خاصة فى مواجهة القوى المتحدية لنا، ومن المسلم به أنه لا توجد أمة من الأمم على سطح الأرض تستطيع الاستغناء عن رموزها التاريخية المضيئة لكى تنير لها سبيل الحاضر وآفاق التقدم فى المستقبل، لأن سبيل التقدم يستدعى توفر الخبرات السابقة لتحديد مواطن الضعف والقوة فى المجتمع لخوض معركة التطور، وتحديد العدو والصديق، وما يمكن قبوله أو رفضه فى الشئون التى تواجهنا.وإذا كان من المسلم به أننا إذا أردنا أن نزرع المستقبل فلنزرع رجالاً فإنه لكى نضمن نضج ووعى الطلاب رجال المستقبل لابد أن نضمن أن بناءهم الثقافى والمعرفى قوي، ويتحقق ذلك أولاً من خلال مناهج ومقررات دراسية علمية وثقافية متقدمة تستطيع أن تطور أبناء المجتمع فى عصر العولمة، فألمانيا التى دمرت فى الحرب العالمية الثانية استطاعت فى فترة وجيزة تضميد جراحها، وفرض وجودها، وخلق نهضة صناعية كبري، والسبب فى ذلك هو عظمة الإنسان الألمانى نفسه، الذى لم يفقد إحساسه القومي، ولم يسقط موروثه التاريخى والمعرفي، وتتشابه تجربة اليابان إلى حد كبير مع التجربة الألمانية. ولقد كانت مادة التاريخ مادة إختيارية فى نظام الثانوية العامة، ثم أصبح التاريخ مادة اجبارية يدرسها جميع طلاب القسم الأدبى بدءاً من العام الدراسى 1998/1999، وفى النظام الجديد المقترح للثانوية العامة يصبح التاريخ مرة ثانية مادة اختيارية، ويتقلص عدد الحصص المخصصة له أسبوعيا إلى ثلاث حصص بدلا من أربع حصص فى النظام الحالي، ومعنى ذلك مزيد من تقليص وتلخيص مادة التاريخ الذى هو ناقص بالفعل ومشوه، أى أنه سيكون مينى تاريخ، ويسير فى نفس اتجاه تقليص التاريخ عدم وضع مادة التاريخ ضمن مواد المستوى الرفيع كمادة اللغة الأجنبية أو مادة الجغرافيا، هل معنى ذلك عدم أهمية التاريخ؟ أم أنه لم تعد هناك أحداث تاريخية تستحق الذكر، وتستوجب الاهتمام بها؟ أم أن التاريخ غير مهم فى بلد التاريخ؟. والواقع أنه من الضرورى أن تكون مادة التاريخ مادة إجبارية فى جميع مراحل التعليم بما فى ذلك مرحلة التعليم الثانوى بشعبيتها العلمية والأدبية، بل وفى مرحلة التعليم الفنى حتى لا يفتقد طلابنا وشبابنا الزاد التاريخى والثقافى الذى يحافظ على كيانهم الوطنى وهويتهم القومية والسؤال الذى يطرح نفسه أنه كيف نفعل ذلك بتاريخنا فى وقت تصنع فيه إسرائيل لنفسها تاريخا من العدم ونحن نسقط من ذاكرتنا ووعينا أطول تاريخ عرفته الانسانية؟ إنه لو حدث ذلك الإهمال لمادة التاريخ فسوف يكون جريمة كبرى فى حق هذا الوطن.والسبب فى ضرورة جعل التاريخ مادة اجبارية -اضافة لما سبق- أن الطلاب يحجمون عن اختيار مادة التاريخ ويختارون مواد أخرى أكثر سهولة تمكنهم من تحصيل درجات أكبر فى الثانوية العامة، ففى دراسة استبيانية تمت على مدارس ميت غمر الثانوية بمحافظة الدقهلية، ومدرسة ابن خلدون الثانوية بإدارة الزيتون التعليمية ومدرسة جمال عبدالناصر الثانوية بإدارة مصر الجديدة التعليمية خلال العام الدراسى 97/1998، اتضح أن نسبة اختيارات الطلاب لمادة التاريخ فى القسم الأدبى كانت حوالى 10% فقط، والسبب فى ذلك يرجع إلى هروب الطلاب من هذه المادة التى تحتوى على كثير من الدول والأحداث، وأسماء الملوك، والأبطال، والمدن، والتواريخ مما يمثل عبئا ثقيلا على عقل الطالب وصعوبة فى استيعابها ويلجأ للمواد الأكثر سهولة لتحقيق مجموع أكبر يدخله الكلية المناسبة. ويعلق بعض المدرسين والموجهين على هذا الموقف بقولهم إنه غير معقول لأمة تنسى تاريخها وتلغى ذاكرته أن تدوم وطالب هؤلاء وغيرهم من الصحفيين والمفكرين وأساتذة التربية بضرورة جعل التاريخ مادة اجبارية فى الثانوية العامة، ونتيجة احساس وزير التعليم السابق حسين كامل بهاء الدين بخطورة أن التاريخ كان مادة اختيارية لايختارها الطلاب وما فى ذلك من آثار سلبية على الثقافة والهوية القومية قرر فى 14 يناير 1998 بأن يكون التاريخ مادة اجبارية للثانوية العامة ابتداء من العام الدراسى 98/1999 وقد ظل هذا القرار ساريا حتى الآن. ولما طرحت وزارة التعليم نظامها الجديد للثانوية العامة 2005 وعلق بعض خبراءالتربية والتعليم والمفكرين على هذا النظام فذكر د.عاطف محمد بدوى أن مادة التاريخ يجب التركيز عليها ولا يمكن أن تكون مادة اختيارية لايدرسها حتى طلاب القسم الأدبى فيخرج طلابنا من المدارس دون معرفة تاريخهم فيعيشون بلا هوية فى عالم اشتدت فيه عوامل التلوث الفكرى والسمعى والبصري، ويستطرد فيقول.. مصر بلد التاريخ تفعل ذلك بينما بلد مثل فرنسا يثير قلقها الآن التدفق الاعلامى والثقافى القادم لها من الولايات المتحدة الأمريكية، وتعتبره ظاهرة تهدد الأمن الثقافى والوحدة والهوية الفرنسية والأوروبية، حتى الولايات المتحدة التى عمر تاريخها لا يصل إلى 300 عام تجعل التاريخ مادة يدرسها جميع الدارسين فى مؤسساتها التعليمية، ويرى د.محمود اسماعيل استاذ التاريخ الاسلامى بآداب عين شمس أن الهجوم علينا أصبح علنيا وبلا مواربة، فاما أن نتصدى للموجات الغازية لنا، ونحافظ على انتمائنا القومى لمواجهة العولمة، والتصدى للغزو الثقافي، ونشر ثقافة التبعية ودروس التاريخ تحافظ على كياننا. واذا كان هدف الوزارة من نظامها الجديد القضاء على الدروس الخصوصية، فإن الحل الوحيد الذى تتهرب منه الحكومة هو رفع رواتب المدرسين، وتطوير أوضاعهم الاجتماعية باعتبارهم المسئولين عن بناء شباب المستقبل، وليس الحل ايضا بتقليل عدد المواد http://www.al-araby.com/docs/article7872.htmlالاجبارية، أو زيادة عدد المواد الاختيارية، ولذلك نطالب بأن يكون التاريخ مادة إجبارية لطلاب الثانوية العامة إذا كنا نريد بقاء هذا الوطن.
الأربعاء يونيو 22, 2016 6:44 pm من طرف khaled
» القضاء الاداري يصدر حكما بإلغاء اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية
الثلاثاء يونيو 21, 2016 5:25 pm من طرف khaled
» جبتلكو سلسلة رويات رجل المستحيل المعروفة للتحميل المباشر
الإثنين ديسمبر 28, 2015 5:53 pm من طرف abazer
» العلاقات المصرية السودانية في عهد محمد علي وخلفاؤه
الجمعة يناير 17, 2014 10:28 am من طرف khaled
» انجولا وحظر الاسلام (1)
الخميس نوفمبر 28, 2013 12:21 pm من طرف Ibrahimovech
» التفسير الاقتصادي للتاريخ
الأربعاء يونيو 19, 2013 1:34 am من طرف khaled
» كرسي العناد ........ السلطة سابقا
الثلاثاء يناير 29, 2013 5:56 pm من طرف khaled
» جمهورية جزر القُمر الاسلامية الفيدرالية دراسة جغرافية
الأحد يناير 06, 2013 2:21 am من طرف khaled
» بعض الفروق السياسية بين المجلس العسكري الي حكم مصر بعد الثورة وبين الاخوان لما وصلوا للحكم
الأربعاء نوفمبر 28, 2012 6:14 pm من طرف khaled