دراسة في عصر النهضة في إفريقيا
لا نبالغ إن قلنا إن أفريقيا كانت في العصور الوسطى أكثر تطوراً وحضارة من أوروبا في تلك العصور ،وربما كان هذا هو السبب الحقيقي الذي دفع الأوربيون للتوجه إليها وبدء غزها.
وأكدت الدراسات أن الأوربيين عندما أتوا إلى إفريقيا أتوها بعد أن ضاقت بهم أوروبا ولم تعد تلك القارة قادرة على احتواء طاقاتهم بمختلف القطاعات الزراعية والصناعية والفكرية ،لو أنهم لم يأتوا إلى إفريقيا لكانت الآن إفريقيا قد وصلت إلى الذروة التي وصلت إليها أوروبا وربما كانت تجاوزتها أيضاً.
وهذا الكلام ليس كلاماً مجرداً فهناك الأدلة والوقائع التي تثبت ذلك.
والمدن التي كانت في أوج حضارتها شاهدة على ذلك ومنها مدينة تمبكتو(وسنأتي على ذكر لتاريخ هذه المدينة الإسلامية في وقت لا حق)وجن ومالندي و كلوا وسفالا وممباسا وزنجبار وغيرها من المدن في أوج عطائها التجاري وازدهارها العمراني والصناعي ،وبقيت على هذه الحال قرون عديدة إلى أن أتاها الاستعمار البرتغالي والأسباني والإنكليزي والفرنسي والهولندي الذي استولى على تجارتها ومواردها وإنسانيتها فتحول عراك الإفريقيين إلى الدفاع عن النفس ومحاولة البقاء والصراع مع الاستعمار القادم الذي بدل الموازين فأخرج القارة الأوربية من عصور الظلام على أكتاف التجارة والصناعة الإفريقية ليدخل القارة الإفريقية بأكملها إلى عصور ظلام استمرت أربعة قرون وإلى منتصف القرن الماضي أو إلى ستينات القرن الماضي،وأصبح حال إفريقيا في النصف الأول من القرن العشرين هو حال أوروبا في القرن السادس عشر وهذا ما أكدته المصادر التالية وغيرها:
الكاتب السوداني الشهير جمال محمد احمد يقول :
(كانت إفريقيا(كما جاء في مدونات الرسل الذين أوفدوا من ملوك البرتغال والإسبان وأهل الثراء والمال في الجزيزة البريطانية) تعيش ما يقابل عصر النهضة الأولى في أوروبا حين أتى الرسل يكتشفون ومن هؤلاء بصرا ديوارت باربورسا-يقول بعد طوافه الساحل الشرقي لإفريقيا سنة 1500 وبعد طوافه الوسط والجنوب لمدة سنة كاملة في سنة 1501 وفي سنة 1517 (كانت إفريقيا تنمو وتزدهر من داخلها كما فعلت أوروبا في عصر النهضة الأول ولا يصرفها عن هذا النشاط إلا النضال المحلي على الحكم بين القبائل والقادة وهو نضال لا يستنزف الروح والمادة كما يفعل نضال الأجنبي الأوروبي )
ثم قال ديوارت يصف سفالا كيف كانت قبل أن يأتي البرتغاليون إليها (كانت سفالا فرضة التجارة في موزمبيق ومدخل أقطار القارة في الجنوب والوسط)
وقال (كانت التجارة في سفالا تسير على نحو منسق مرسوم يأتيها التجار في قوارب صغيرة اسمها الزمبوك(السنبوك) من ممالك كلوا وممباسا ومالندي ويبيعون الأقمشة القطنية بعضها مزوق ذو نقط وبعضها الآخر أبيض أو أزرق كما يبيعون نماذج عدة من الحرير وألواناً من الخرز والصوميت فيها الأحمر والأصفر والرمادي ،تجيء هذه السلع في مراكب كبيرة عبر المحيط من شمال غرب الهند من مملكة كامباي يشتريها العرب على الساحل في مالندي وممباسا بمقادير من الذهب يزنونها على قدر معلوم لقاء كل سلعة يعود بعدها التجار لمصادر هذه السلع مرة أخرى ويأتى بها هؤلاء لسفالا ينشدون مزيداً من الذهب، يأتي به الأهلون من مملكة بينا ميتابا في الداخل البعيد (في روديسا الجنوبية) يعطونه للتجار لا يزنونه ويجمع العرب مقادير من العاج قرب سفالا يبيعونه لتجار الهند من كامباي لقاء خمس أو ست كروزاد للكنتنال)).
وفي عام 1754يقول تاجر اسمه سميث في مفكرته :
(يعد أهل النظر من الإفريقيين أن لقاء الأوربيين لهم يعتبر أتعس شيء عرفوه في حياتهم الطويلة ، يقول إننا نحن المسيحيين أدخلنا تجارة الرقيق ،وإنهم كانوا يعيشون في سلام إلى أن جئنا نحن ويلاحظ هؤلاء القادرون على التفكير أن المسيحية تأتي حين تأتي وفي يدها سيف ومدفع وبارود)انتهى كلام التاجر البريطاني سميث.
ويقول أيضا بول مارك هنري متحدثاً عن علاقات النصارى والمسلمين في إفريقيا:
(لم يكن للصدام بين الإسلام والمسيحية في شرق إفريقيا تلك الصبغة التي تميز بها النضال عينه حول حوض البحر الأبيض المتوسط )).
وأما عن العلم والثقافة فقد قال الحسن بن محمد الوزان (ليون الإفريقي)يصف مقاعد العلم والثقافة على مدن نهر النيجر ويصف تمبكتو وهي تتلوى سنة 1590تحت سياط الجنود من الشمال في المغرب يقودها مرتزق من الأسبان يريد تجارتها لمن أجره.
((يعيش فيها الأطباء والقضاة والفقهاء ،وغيرهم من سدنة العلم ،لا يخشون مسبغة ولا سلطة ،ينفق عليهم ملك البلاد ويرعى أمنهم كل الرعاية لينصرفوا لهذه المخطوطات يدرسونها كلها كلما أتتهم من الشمال الإفريقي ،يعيدون كتابتها ،يبيعونها في سوق الكتب وهي نافقة)).
وأيضا وصف ديوارت التجار في سنة 1517 يقول:
((إنهم عرب سود ،يميل بعضهم للسمرة ،ويتحدث بعضهم العربية وبعضهم لغة الأهلين،ولم يميز من فرط ما اختلطو وعاشوا جنب إلى جنب العربي من الزنجي.
فقد كان العرب والزنوج يتعايشون معاً ويتزاوجون ويعمرون، ولم ينفصموا بعضهم عن بعض.
يقول الكاتب السوداني جمال محمد أحمد(لم تكن الحضارة الشتيت في القارة الإفريقية علما صرفا أو تجارة بحتا ،كانت القارة فلسفات في الحياة يصدر عنها الناس في فكرهم وفي عملهم ولكننا لا نعرف إلا القليل عنها ،فهي لم تكن مدونة بالطبع ،كانت في صدور السحرة والكهان وكانت أحاديث بتناقلها الأسلاف عن أخلافهم وتراها اليوم متناثرة في كتب علم وصف الإنسان )).
القس تمبل صاحب فلسفة (البانتو)لغة الشعوب التي تعيش في أكثر بقاع وسط إفريقيا والجنوب ،درس هذا القس لغة البانتو على مدى سنين وكتب من خلال عيشه الطويل في الكونغو وتر حاله في زامبيا وزمبابوي وجنوب إفريقيا ،كثيرا مما ينير بعض ألغاز السلوك البشري في هذه المنطقة كتب الأب تمبل يخاطب أوروبا وقد شرح بشكل مقنع مكان الإنسان في الكون عند البانتو وسلطانه على الأشياء -قوة الحياة -سخر له النبات والحيوان والشجر والأرض وكل شيء يقول الأب:
وقد رأى بعينه وأحس بحسه ما لم يره ويحسه الذين أتوا القارة ،غرورا بعض الأحايين لا يعنيهم رأى أهليه وانشغالا عنه بعض الأحايين لا يعنيه منه إلا أنه أداة تحطب الصمغ وتجمع العاج :
((إن اكتشافنا الفلسفة البانتوية ينبغي أن يقلق بالنا نحن الذين نتصدى لتعليم إفريقيا وتدفعنا دفعا لنظرة جديدة لوسائلنا وأسلوبنا،مضت سنون ونحن نحسب أننا نحمل العلم والفلسفة للقارة السوداء ،فراغا نملؤه نحن ،خيل لنا نحن الذين تصدينا لتعليم الإفريقي وتحضيره إننا إزاء لوحة سوداء ما عليها من الخبرة حرف ولا من العلم أو الفن سطر:نكتب عليها ما نشاء ونختار ما نشاء ،ألقى في روعنا أننا أتينا قارة سوادها فراغها ،نعلم أطفالا كبارا لا قواعد عندهم ولا أسلوب نسوقهم سوقا إلى حضارتنا نحن وثقافتنا نحن ،ثم نعيش بينهم حينا ،كما عشت، فإذا الصورة غير الصورة،اللوحة ملأى بالرؤى والفلسفات لتقرأ ،ستقدر ،تحترم حكمتها وتعرف فلسفتها الكونية بيننا وبين الإنسان الأسود صلات ما وعيناها وكان من الخير لنا ولهم أن نعيها)).
إذن لم تكن إفريقيا فقيرة لا في المادة ولا في الروح ،وما فعلته مراكب الأوروبيين الذين أتوا القارة كان ظلما وإغراقا في تجهيل الناس بدلا من المهمة التي كانوا يدعون أنهم أتوا من اجلها ألا وهي (التنوير).
وبالتالي فان ما فعله الأوروبيون في القرن السادس عشر هو تحويل التقدم المادي والروحي للقارة الإفريقية وجهة غير الوجهة التي كانت تسير عليها .
وبما أن البيئتين الأوروبية والإفريقية مختلفتان اختلافا جذريا ،فما تنتجه أوروبا قد لا يتوفر في إفريقيا وما تنتجه إفريقيا لا يمكن أن تنتجه اروبا ،وبالتالي فإن الباحثين لم يتبينوا بالضبط الوجهة التي كانت ربما تتجهها إفريقيا لولا وجود الغزو الأوروبي.
يقول جمال محمد أحمد((من أن غزو أوروبا للقارة الإفريقية انقض على تقدم ونمو الإفريقيين ،ولن يتاح لنا أن نعرف صورتهما فقد ذهبا مع الغزو وليست لدينا سبل لنعرف أي وجهة كانت ستسير إفريقيا لو لم تكن هذه العلاقة بينها وبين أوروبا علاقة السيد والمسود لا علاقة الند والكفء)).
وقال دافدسن(( أتى الغزو الأوروبي منتصف مجرى موجة من التحول ،ضرب الغزو إفريقيا في لحظة من لحظات الاضطراب الكبير وكان الاضطراب نفسه نتيجة حوادث أخرى سبقته)).
ينبغي أن ندرك هنا أننا نتحدث عن قارة كبيرة قارة ضخمة بعدد قبائلها وتنوع شعوبها واختلاف عاداتها وتقاليدها فما يكون في غرب القارة لا ينطبق على شرق القارة وشمالها مختلف عن جنوبها ،القارة الإفريقية شديدة التنوع حتى بطبيعة أناسها وصفاتهم وخصائصهم السيكولوجية والمورفولوجية ،وبالتالي لا يمكن لأي شخص كائن من كان أن يصل إلى لب الحقيقة ،ومع ذلك قد اجتمعت أصوات الفارة من الجهات الأربعة تعلن أن القارة تم غزوها من قبل الرجل الأبيض،الذي أتاها بحجج مختلفة تارة تحت اسم الاقتصاد والمال وتارة تحت اسم التبشير والتنوير وتارة تحت اسم نشر الثقافة،ومهما كانت الأسباب فالنتيجة واحدة ألا وهي أن أوروبا غزت أفريقيا ولا يهم بعد ذلك المسمى الذي انطلقت منه أوروبا.
من التأثيرات الخطيرة التي لحقت بالقارة الإفريقية تأثيران مهمان أولهما التأثير الاقتصادي والثاني والأكثر أهمية التأثير الروحي.
لن نخوض كثيراً في الحديث عن التأثير الاقتصادي وسنتحدث عن التأثير الروحي الخطير الذي تركه الغزو الأوروبي لاحقاً.
عصر النهضة الذي هو محط الحديث هوا لعصر الذي أتى بعد العهد الاستعماري بأعوام قليلة وبدأت هذه الرحلة مع مؤتمر برلين عام (1884-1885) هذا المؤتمر الذي كان السبب في شطر القارة الإفريقية إلى عدة أشطار، لتنظم أوروبا نهبها القارة والسلب تنظيما دامت فيه أربعة قرون ،تتقاتل الاشطار فيما بينها وتتقاتل أوربا مع الأشطار ومن ثم تتقاتل أوروبا مع بعضها وتارة مع بعض الممالك الموجودة في القارة السوداء تارة أخرى،ورغم كل هذه المعارك والاقتتال الذي دام هذه القرون الأربعة بقي الإنسان الإفريقي صامداً فلم يقهر الغزو روحه ولم يقتل فيه الميزة الإنسانية التي وهبه إياها الله والطبيعة .
إذن قسم السياسيون الغربيون والتجار والصناع و"أصحاب المال افريقيا ونهبوا خيراتها وتكاثر المال لديهم عن طريق افريقيا .
وخلال خمسة عشر عاماً استطاع الاوروبي الغازي و بعد الثورة الصناعية في أوروبا سيما بين سنتي 1884-1898 أن يبتلع القرون الخمسة عشر من النهضة والنمو الحضاري الكبير الذي عاشته افريقيا.
وبعد الهزيمة التي لحقت بافريقيا في نياسالاند استيقظت أفريقيا ونشأت فيها جمعيات المقاومة وظهر الثوار فيها وبدأت الجمعيات تتكون فكانت أول جمعية هي (جمعية رعاية حقوق الأهالي)وبعد عام 1897 بدأت الصحوة في افريقيا وتضامن بعض رجال الدين المسيحيون مع الأهالي في افريقيا وكتبوا الرسائل المطالبة برفع الظلم عنهم ومن هؤلاء القس دومنقو قال حول ذلك الكاتب السوداني جمال محمد أحمد (القس دومنقو نعى على الأوربي اعتداءه وأبان في وضوح الفجوة بين دعواه وواقعه ،وكتب رسالة شهيرة في عام 1911 يقول فيها إن الأوروبيين في صمم عن رسالة المسيح يكسرون القواعد منها طوال نهارهم منذ الصباح في السادسة وحتى المساء في الخامسة،وربنا صريح في في رسالة يعقوب ،الاصحاح الخامس إذ يقول …إبكوا مولولين على شقاوتكم القادمة…هو ذا أجرة الفعلة اللذين حصدوا حقولكم المنجوسة…).
وبعد هذه الرسالة بعام واحد فقط تم عقد مؤتمر سمي باسم (المؤتمر الإفريقي الوطني) عام 1912 في جنوب إفريقيا.
في القرن التاسع عشر اشتعلت القارة الإفريقية بالحروب ومن أشعل هذه الحروب هو الأوروبي وأشدها كان بين عامي 1870-1879 كالحروب التالية:
حرب الزولو
حرب المانابيل
حرب الأشاثتي
حروب العرب في نياسالاند
ثورة الشاقا في تنجانيقا
تجريدات لوقارد ضد أمراء في نيجريا
حروب الفرنسيين ضد ساموري على النيجر الأعلى
رابح في اقليم تشاد
مذابح الألمان في شرق افريقيا وهي التي عرفت فيما بعد بثورة ماجي ماجي
حروب هريرو في جنوب غرب افريقيا .
قاد الثورات والحروب التي قاومت الغزو الاوروبي الثوار التالية أسماؤهم
شاكا ولد عام 1787 وأصبح فيما بعد أسطورة في افريقيا يكتب لها الكتاب ويتغنى بها المغنون ويكتب لها الشعراء وتقص حكاياتها من الآباء إلى الأبناء وشخصية شاكا ما تزال تروى عنها القصص والأحاديث إلى الآن.
دان فوديو (توفي عام 1817)وحمل لواء الاسلام والعزة أمام المعتدين .
منليك توفي عام 1913 الذي انتصرت جيوشه على الجيوش الإيطالية ولقنتها درسا كبيرا في الشجاعة والبطولة.
المرابط محمد الأمين(1886-1888 )قصص بطولاته ما تزال تروى إلى الآن في السنغال .
الملك بهانزين(1890-1893)في داهومي وهذا الملك صنع مجدا كبيرا وسحق الغزاة سحقا لا مثيل له.
ملك المانابيل لوبنقولا ،قضى عمره متحسرا وثار في روديسا في عام(1892-1894)قاوم بقوة وشجاعة وبأس .
رابح الزبير الذي ساق الجحافل الفرنسية لجحيم شجاعته في تشاد وموتسا .
ملك البوقندا توفي عام 1884 تحدث الشاعر الملاوي الكبير دافيد روباديري عن بطولاته وشجاعته وخلده في شعره
إن صحوة القارة الإفريقية في القرن العشرين ليست كما يحسب الكثيرون بنت اليوم أو الأمس أو أنها جديدة العهد بل إنها بدأت بالنشوء مع قدوم الغزاة الغربيون وبدأت مع شاكا ودان فوديو ومنليلك وغيرهم إلى أن وصلت إلى لوممبا وجيمو كينا كنياتا ونكروما وهيلاسيلاسي وغيرهم من الثوار الأفارقة لا نتحدث عن العرب ولا عن شمال إفريقيا)
كتب جمال محمد أحمد الآتي يتحدث عن ثوار القرن العشرين الذين عرفوا على مستوى العالم في النضال ضد المحتل الغربي :
كنياتا(جيموكينا كنياتا)ولد عام 1891 وشهد بعينه وكان غلاما (اللورد ديلاوير)يقتطع أرض الهضاب في الكيكيو شبرا شبرا لأعوانه من البيض عام 1902.
وولد الأزهري عام 1898وكان يقول لرفاقه في الجامعة سيحرر بلاده يوما من الأيام كما حرر جورج واشنطن بلاده (وكان مغرم بجورج واشنطن).
وقبله بأعوام قليلة ولد هيلاسيلاسي ليجد بلاده قطعة شطرنج في يد السياسة الدولية وولى بعض شؤون بلاده ولم يبلغ التاسعة عشر من عمره في هرر وفي عام 1906 ولد سنقور والزعيم أولو في نيجيريا وشهدا التاريخ الدموي للبلاد على أيدي الأوروبيين في النيجر وفي السنغال أيضا.
وفي عام 1909 ولد نكروما الذي شق على أوروبا أن ترى فولتير كما أسماه بعضهم يمزق سلطانها في القارة فاتخذت بعض أعماله تكأة لتمزيقه.
وأودنقا الذي ولد عام 1912 الذي قال (إن الحرية لم تأت بعد )
وموديبو كيتا الذي ولد عام 1915
وهوفت بونيه الذي ولد 1905
وأزكوي الذي ولد 1906
وهوفت وأزكوي خمدت فيهما جمرة النضال إزاء ما لقيا من مشقات بالإضافة إلى تقدمهما بالعمر.
وأتى بعدهما نيريري وكيوابوي ولدا معا في عام 1922
ومع هذه الفئة القائدة أتى أوبوتي الذي قلب وجه يوقندا والذي ولد عام 1924
وبعده عبد الرحمن بابو الذي ولد في عام 1922 .
وكاوندا الذي ولد في عام 1924 مع أوبوتي والذي قلب وجه زنجبار بحيويته السياسية والجسدية
وسيكوتوري الذي ناضل ليبقى .
إذن إن تاريخ الفكر والعمل الإفريقي ليس بالحداثة التي يعتقدها بعض الناس.
إن تاريخ الفكر بدأ مع تمبكتو وجن وسفالا وكلوا وسار نحو فوديو وشاكا ولوقنبولا وما انقطع المسار يوماً إلى أن حمل الشعلة أزكوي ونكروما ونيريري وكمبابوي وسيكوتوري ،موكب متحرك لا انفصام فيه وإن اختلفت ألوانه وتعددت وسائل تعبيره عن واقعه ومثاله بمر الزمان والأحداث .
كما إن القارة في صخب فكري الآن ومنذ بداية القرن العشرين بدأت الآفاق تتفتح والفكر يزدهر في إفريقيا ولم يطول بها الوقت إلى أن وصلت إلى مكانا آمناً فكرياً على الرغم من كثرة أصابع الواغلين فيها.
إذن الأفريقي عاش عصر النهضة الأولى على أيام العلم والمعرفة في جن وتمبكتو وسفالا الزاهرة بالتجارة والثقافة الخليط ،واختفت نهضته في القرن الخامس عشر وكانت في طريقها لتبنى أمجادها على النحو الذي فعلت أوروبا في ذلك العهد ونهضت مرة أخرى في القرن التاسع عشر وقد يقظت بعد ذهول ولم تستخدم أمام سلاح الأوروبي القاهر بل خرت صريعة في الميدان حتى كانت القومية الإفريقية في العهد الأخير وهي الحركة التي قامت على هاتين النهضتين واضحة المعالم والسمات والماضي البعيد يتراءى له ولا يكاد يمسكه وإن كان قد شرع في التعرف على سماته كما ترى في الذي يكتبه بعض الباحثين الأمريكيين والأوروبيين حيث يضعون القواعد للقومية التي قاومتها أوروبا بكل سلاح،تحدوها قوله أرسطو المعلم الأول حتى في هذه يسوق النصح للأغريق عند استعمارهم لبرقة وقرطاجنة ((فتتوا القوم قبائل وجماعات ،أزيلوا من على أرضهم السمات التي تتصف بها القومية في كل مكان تستعمروه لتذب على أيديكم عباداتهم طقوسهم الدينية الخاصة بهم ،ألحقوهم بالعقيدة العامة عندنا بعبارة أوجز اعملوا ما في طوقكم ليذوب في كيانكم كيانهم ولتنسفوا كل سلطة لعاداتهم القديمة))
وفعلوا بل تبعوا النصح خطوة خطوة تعززه تجاربهم منذ أرسطو فقد كان العهد الكلاسيكي طفلاً بالقياس لعصر التوسع الأوروبي الذي بدأ واهناً يتحسس الطريق في القرن الخامس عشر واكتسى عافية وشهوة للرخاء والرفاه على عهد الثورة الصناعية وعار كما يقول الأفارقة لا يهاب شيئاً قوته المادية الآلية أداته يضرب بها حيث شاء أنى شاء مبرره الشفاف (عبء الرجل الأبيض
منقول والسلام عليكم ورحمة الله
لا نبالغ إن قلنا إن أفريقيا كانت في العصور الوسطى أكثر تطوراً وحضارة من أوروبا في تلك العصور ،وربما كان هذا هو السبب الحقيقي الذي دفع الأوربيون للتوجه إليها وبدء غزها.
وأكدت الدراسات أن الأوربيين عندما أتوا إلى إفريقيا أتوها بعد أن ضاقت بهم أوروبا ولم تعد تلك القارة قادرة على احتواء طاقاتهم بمختلف القطاعات الزراعية والصناعية والفكرية ،لو أنهم لم يأتوا إلى إفريقيا لكانت الآن إفريقيا قد وصلت إلى الذروة التي وصلت إليها أوروبا وربما كانت تجاوزتها أيضاً.
وهذا الكلام ليس كلاماً مجرداً فهناك الأدلة والوقائع التي تثبت ذلك.
والمدن التي كانت في أوج حضارتها شاهدة على ذلك ومنها مدينة تمبكتو(وسنأتي على ذكر لتاريخ هذه المدينة الإسلامية في وقت لا حق)وجن ومالندي و كلوا وسفالا وممباسا وزنجبار وغيرها من المدن في أوج عطائها التجاري وازدهارها العمراني والصناعي ،وبقيت على هذه الحال قرون عديدة إلى أن أتاها الاستعمار البرتغالي والأسباني والإنكليزي والفرنسي والهولندي الذي استولى على تجارتها ومواردها وإنسانيتها فتحول عراك الإفريقيين إلى الدفاع عن النفس ومحاولة البقاء والصراع مع الاستعمار القادم الذي بدل الموازين فأخرج القارة الأوربية من عصور الظلام على أكتاف التجارة والصناعة الإفريقية ليدخل القارة الإفريقية بأكملها إلى عصور ظلام استمرت أربعة قرون وإلى منتصف القرن الماضي أو إلى ستينات القرن الماضي،وأصبح حال إفريقيا في النصف الأول من القرن العشرين هو حال أوروبا في القرن السادس عشر وهذا ما أكدته المصادر التالية وغيرها:
الكاتب السوداني الشهير جمال محمد احمد يقول :
(كانت إفريقيا(كما جاء في مدونات الرسل الذين أوفدوا من ملوك البرتغال والإسبان وأهل الثراء والمال في الجزيزة البريطانية) تعيش ما يقابل عصر النهضة الأولى في أوروبا حين أتى الرسل يكتشفون ومن هؤلاء بصرا ديوارت باربورسا-يقول بعد طوافه الساحل الشرقي لإفريقيا سنة 1500 وبعد طوافه الوسط والجنوب لمدة سنة كاملة في سنة 1501 وفي سنة 1517 (كانت إفريقيا تنمو وتزدهر من داخلها كما فعلت أوروبا في عصر النهضة الأول ولا يصرفها عن هذا النشاط إلا النضال المحلي على الحكم بين القبائل والقادة وهو نضال لا يستنزف الروح والمادة كما يفعل نضال الأجنبي الأوروبي )
ثم قال ديوارت يصف سفالا كيف كانت قبل أن يأتي البرتغاليون إليها (كانت سفالا فرضة التجارة في موزمبيق ومدخل أقطار القارة في الجنوب والوسط)
وقال (كانت التجارة في سفالا تسير على نحو منسق مرسوم يأتيها التجار في قوارب صغيرة اسمها الزمبوك(السنبوك) من ممالك كلوا وممباسا ومالندي ويبيعون الأقمشة القطنية بعضها مزوق ذو نقط وبعضها الآخر أبيض أو أزرق كما يبيعون نماذج عدة من الحرير وألواناً من الخرز والصوميت فيها الأحمر والأصفر والرمادي ،تجيء هذه السلع في مراكب كبيرة عبر المحيط من شمال غرب الهند من مملكة كامباي يشتريها العرب على الساحل في مالندي وممباسا بمقادير من الذهب يزنونها على قدر معلوم لقاء كل سلعة يعود بعدها التجار لمصادر هذه السلع مرة أخرى ويأتى بها هؤلاء لسفالا ينشدون مزيداً من الذهب، يأتي به الأهلون من مملكة بينا ميتابا في الداخل البعيد (في روديسا الجنوبية) يعطونه للتجار لا يزنونه ويجمع العرب مقادير من العاج قرب سفالا يبيعونه لتجار الهند من كامباي لقاء خمس أو ست كروزاد للكنتنال)).
وفي عام 1754يقول تاجر اسمه سميث في مفكرته :
(يعد أهل النظر من الإفريقيين أن لقاء الأوربيين لهم يعتبر أتعس شيء عرفوه في حياتهم الطويلة ، يقول إننا نحن المسيحيين أدخلنا تجارة الرقيق ،وإنهم كانوا يعيشون في سلام إلى أن جئنا نحن ويلاحظ هؤلاء القادرون على التفكير أن المسيحية تأتي حين تأتي وفي يدها سيف ومدفع وبارود)انتهى كلام التاجر البريطاني سميث.
ويقول أيضا بول مارك هنري متحدثاً عن علاقات النصارى والمسلمين في إفريقيا:
(لم يكن للصدام بين الإسلام والمسيحية في شرق إفريقيا تلك الصبغة التي تميز بها النضال عينه حول حوض البحر الأبيض المتوسط )).
وأما عن العلم والثقافة فقد قال الحسن بن محمد الوزان (ليون الإفريقي)يصف مقاعد العلم والثقافة على مدن نهر النيجر ويصف تمبكتو وهي تتلوى سنة 1590تحت سياط الجنود من الشمال في المغرب يقودها مرتزق من الأسبان يريد تجارتها لمن أجره.
((يعيش فيها الأطباء والقضاة والفقهاء ،وغيرهم من سدنة العلم ،لا يخشون مسبغة ولا سلطة ،ينفق عليهم ملك البلاد ويرعى أمنهم كل الرعاية لينصرفوا لهذه المخطوطات يدرسونها كلها كلما أتتهم من الشمال الإفريقي ،يعيدون كتابتها ،يبيعونها في سوق الكتب وهي نافقة)).
وأيضا وصف ديوارت التجار في سنة 1517 يقول:
((إنهم عرب سود ،يميل بعضهم للسمرة ،ويتحدث بعضهم العربية وبعضهم لغة الأهلين،ولم يميز من فرط ما اختلطو وعاشوا جنب إلى جنب العربي من الزنجي.
فقد كان العرب والزنوج يتعايشون معاً ويتزاوجون ويعمرون، ولم ينفصموا بعضهم عن بعض.
يقول الكاتب السوداني جمال محمد أحمد(لم تكن الحضارة الشتيت في القارة الإفريقية علما صرفا أو تجارة بحتا ،كانت القارة فلسفات في الحياة يصدر عنها الناس في فكرهم وفي عملهم ولكننا لا نعرف إلا القليل عنها ،فهي لم تكن مدونة بالطبع ،كانت في صدور السحرة والكهان وكانت أحاديث بتناقلها الأسلاف عن أخلافهم وتراها اليوم متناثرة في كتب علم وصف الإنسان )).
القس تمبل صاحب فلسفة (البانتو)لغة الشعوب التي تعيش في أكثر بقاع وسط إفريقيا والجنوب ،درس هذا القس لغة البانتو على مدى سنين وكتب من خلال عيشه الطويل في الكونغو وتر حاله في زامبيا وزمبابوي وجنوب إفريقيا ،كثيرا مما ينير بعض ألغاز السلوك البشري في هذه المنطقة كتب الأب تمبل يخاطب أوروبا وقد شرح بشكل مقنع مكان الإنسان في الكون عند البانتو وسلطانه على الأشياء -قوة الحياة -سخر له النبات والحيوان والشجر والأرض وكل شيء يقول الأب:
وقد رأى بعينه وأحس بحسه ما لم يره ويحسه الذين أتوا القارة ،غرورا بعض الأحايين لا يعنيهم رأى أهليه وانشغالا عنه بعض الأحايين لا يعنيه منه إلا أنه أداة تحطب الصمغ وتجمع العاج :
((إن اكتشافنا الفلسفة البانتوية ينبغي أن يقلق بالنا نحن الذين نتصدى لتعليم إفريقيا وتدفعنا دفعا لنظرة جديدة لوسائلنا وأسلوبنا،مضت سنون ونحن نحسب أننا نحمل العلم والفلسفة للقارة السوداء ،فراغا نملؤه نحن ،خيل لنا نحن الذين تصدينا لتعليم الإفريقي وتحضيره إننا إزاء لوحة سوداء ما عليها من الخبرة حرف ولا من العلم أو الفن سطر:نكتب عليها ما نشاء ونختار ما نشاء ،ألقى في روعنا أننا أتينا قارة سوادها فراغها ،نعلم أطفالا كبارا لا قواعد عندهم ولا أسلوب نسوقهم سوقا إلى حضارتنا نحن وثقافتنا نحن ،ثم نعيش بينهم حينا ،كما عشت، فإذا الصورة غير الصورة،اللوحة ملأى بالرؤى والفلسفات لتقرأ ،ستقدر ،تحترم حكمتها وتعرف فلسفتها الكونية بيننا وبين الإنسان الأسود صلات ما وعيناها وكان من الخير لنا ولهم أن نعيها)).
إذن لم تكن إفريقيا فقيرة لا في المادة ولا في الروح ،وما فعلته مراكب الأوروبيين الذين أتوا القارة كان ظلما وإغراقا في تجهيل الناس بدلا من المهمة التي كانوا يدعون أنهم أتوا من اجلها ألا وهي (التنوير).
وبالتالي فان ما فعله الأوروبيون في القرن السادس عشر هو تحويل التقدم المادي والروحي للقارة الإفريقية وجهة غير الوجهة التي كانت تسير عليها .
وبما أن البيئتين الأوروبية والإفريقية مختلفتان اختلافا جذريا ،فما تنتجه أوروبا قد لا يتوفر في إفريقيا وما تنتجه إفريقيا لا يمكن أن تنتجه اروبا ،وبالتالي فإن الباحثين لم يتبينوا بالضبط الوجهة التي كانت ربما تتجهها إفريقيا لولا وجود الغزو الأوروبي.
يقول جمال محمد أحمد((من أن غزو أوروبا للقارة الإفريقية انقض على تقدم ونمو الإفريقيين ،ولن يتاح لنا أن نعرف صورتهما فقد ذهبا مع الغزو وليست لدينا سبل لنعرف أي وجهة كانت ستسير إفريقيا لو لم تكن هذه العلاقة بينها وبين أوروبا علاقة السيد والمسود لا علاقة الند والكفء)).
وقال دافدسن(( أتى الغزو الأوروبي منتصف مجرى موجة من التحول ،ضرب الغزو إفريقيا في لحظة من لحظات الاضطراب الكبير وكان الاضطراب نفسه نتيجة حوادث أخرى سبقته)).
ينبغي أن ندرك هنا أننا نتحدث عن قارة كبيرة قارة ضخمة بعدد قبائلها وتنوع شعوبها واختلاف عاداتها وتقاليدها فما يكون في غرب القارة لا ينطبق على شرق القارة وشمالها مختلف عن جنوبها ،القارة الإفريقية شديدة التنوع حتى بطبيعة أناسها وصفاتهم وخصائصهم السيكولوجية والمورفولوجية ،وبالتالي لا يمكن لأي شخص كائن من كان أن يصل إلى لب الحقيقة ،ومع ذلك قد اجتمعت أصوات الفارة من الجهات الأربعة تعلن أن القارة تم غزوها من قبل الرجل الأبيض،الذي أتاها بحجج مختلفة تارة تحت اسم الاقتصاد والمال وتارة تحت اسم التبشير والتنوير وتارة تحت اسم نشر الثقافة،ومهما كانت الأسباب فالنتيجة واحدة ألا وهي أن أوروبا غزت أفريقيا ولا يهم بعد ذلك المسمى الذي انطلقت منه أوروبا.
من التأثيرات الخطيرة التي لحقت بالقارة الإفريقية تأثيران مهمان أولهما التأثير الاقتصادي والثاني والأكثر أهمية التأثير الروحي.
لن نخوض كثيراً في الحديث عن التأثير الاقتصادي وسنتحدث عن التأثير الروحي الخطير الذي تركه الغزو الأوروبي لاحقاً.
عصر النهضة الذي هو محط الحديث هوا لعصر الذي أتى بعد العهد الاستعماري بأعوام قليلة وبدأت هذه الرحلة مع مؤتمر برلين عام (1884-1885) هذا المؤتمر الذي كان السبب في شطر القارة الإفريقية إلى عدة أشطار، لتنظم أوروبا نهبها القارة والسلب تنظيما دامت فيه أربعة قرون ،تتقاتل الاشطار فيما بينها وتتقاتل أوربا مع الأشطار ومن ثم تتقاتل أوروبا مع بعضها وتارة مع بعض الممالك الموجودة في القارة السوداء تارة أخرى،ورغم كل هذه المعارك والاقتتال الذي دام هذه القرون الأربعة بقي الإنسان الإفريقي صامداً فلم يقهر الغزو روحه ولم يقتل فيه الميزة الإنسانية التي وهبه إياها الله والطبيعة .
إذن قسم السياسيون الغربيون والتجار والصناع و"أصحاب المال افريقيا ونهبوا خيراتها وتكاثر المال لديهم عن طريق افريقيا .
وخلال خمسة عشر عاماً استطاع الاوروبي الغازي و بعد الثورة الصناعية في أوروبا سيما بين سنتي 1884-1898 أن يبتلع القرون الخمسة عشر من النهضة والنمو الحضاري الكبير الذي عاشته افريقيا.
وبعد الهزيمة التي لحقت بافريقيا في نياسالاند استيقظت أفريقيا ونشأت فيها جمعيات المقاومة وظهر الثوار فيها وبدأت الجمعيات تتكون فكانت أول جمعية هي (جمعية رعاية حقوق الأهالي)وبعد عام 1897 بدأت الصحوة في افريقيا وتضامن بعض رجال الدين المسيحيون مع الأهالي في افريقيا وكتبوا الرسائل المطالبة برفع الظلم عنهم ومن هؤلاء القس دومنقو قال حول ذلك الكاتب السوداني جمال محمد أحمد (القس دومنقو نعى على الأوربي اعتداءه وأبان في وضوح الفجوة بين دعواه وواقعه ،وكتب رسالة شهيرة في عام 1911 يقول فيها إن الأوروبيين في صمم عن رسالة المسيح يكسرون القواعد منها طوال نهارهم منذ الصباح في السادسة وحتى المساء في الخامسة،وربنا صريح في في رسالة يعقوب ،الاصحاح الخامس إذ يقول …إبكوا مولولين على شقاوتكم القادمة…هو ذا أجرة الفعلة اللذين حصدوا حقولكم المنجوسة…).
وبعد هذه الرسالة بعام واحد فقط تم عقد مؤتمر سمي باسم (المؤتمر الإفريقي الوطني) عام 1912 في جنوب إفريقيا.
في القرن التاسع عشر اشتعلت القارة الإفريقية بالحروب ومن أشعل هذه الحروب هو الأوروبي وأشدها كان بين عامي 1870-1879 كالحروب التالية:
حرب الزولو
حرب المانابيل
حرب الأشاثتي
حروب العرب في نياسالاند
ثورة الشاقا في تنجانيقا
تجريدات لوقارد ضد أمراء في نيجريا
حروب الفرنسيين ضد ساموري على النيجر الأعلى
رابح في اقليم تشاد
مذابح الألمان في شرق افريقيا وهي التي عرفت فيما بعد بثورة ماجي ماجي
حروب هريرو في جنوب غرب افريقيا .
قاد الثورات والحروب التي قاومت الغزو الاوروبي الثوار التالية أسماؤهم
شاكا ولد عام 1787 وأصبح فيما بعد أسطورة في افريقيا يكتب لها الكتاب ويتغنى بها المغنون ويكتب لها الشعراء وتقص حكاياتها من الآباء إلى الأبناء وشخصية شاكا ما تزال تروى عنها القصص والأحاديث إلى الآن.
دان فوديو (توفي عام 1817)وحمل لواء الاسلام والعزة أمام المعتدين .
منليك توفي عام 1913 الذي انتصرت جيوشه على الجيوش الإيطالية ولقنتها درسا كبيرا في الشجاعة والبطولة.
المرابط محمد الأمين(1886-1888 )قصص بطولاته ما تزال تروى إلى الآن في السنغال .
الملك بهانزين(1890-1893)في داهومي وهذا الملك صنع مجدا كبيرا وسحق الغزاة سحقا لا مثيل له.
ملك المانابيل لوبنقولا ،قضى عمره متحسرا وثار في روديسا في عام(1892-1894)قاوم بقوة وشجاعة وبأس .
رابح الزبير الذي ساق الجحافل الفرنسية لجحيم شجاعته في تشاد وموتسا .
ملك البوقندا توفي عام 1884 تحدث الشاعر الملاوي الكبير دافيد روباديري عن بطولاته وشجاعته وخلده في شعره
إن صحوة القارة الإفريقية في القرن العشرين ليست كما يحسب الكثيرون بنت اليوم أو الأمس أو أنها جديدة العهد بل إنها بدأت بالنشوء مع قدوم الغزاة الغربيون وبدأت مع شاكا ودان فوديو ومنليلك وغيرهم إلى أن وصلت إلى لوممبا وجيمو كينا كنياتا ونكروما وهيلاسيلاسي وغيرهم من الثوار الأفارقة لا نتحدث عن العرب ولا عن شمال إفريقيا)
كتب جمال محمد أحمد الآتي يتحدث عن ثوار القرن العشرين الذين عرفوا على مستوى العالم في النضال ضد المحتل الغربي :
كنياتا(جيموكينا كنياتا)ولد عام 1891 وشهد بعينه وكان غلاما (اللورد ديلاوير)يقتطع أرض الهضاب في الكيكيو شبرا شبرا لأعوانه من البيض عام 1902.
وولد الأزهري عام 1898وكان يقول لرفاقه في الجامعة سيحرر بلاده يوما من الأيام كما حرر جورج واشنطن بلاده (وكان مغرم بجورج واشنطن).
وقبله بأعوام قليلة ولد هيلاسيلاسي ليجد بلاده قطعة شطرنج في يد السياسة الدولية وولى بعض شؤون بلاده ولم يبلغ التاسعة عشر من عمره في هرر وفي عام 1906 ولد سنقور والزعيم أولو في نيجيريا وشهدا التاريخ الدموي للبلاد على أيدي الأوروبيين في النيجر وفي السنغال أيضا.
وفي عام 1909 ولد نكروما الذي شق على أوروبا أن ترى فولتير كما أسماه بعضهم يمزق سلطانها في القارة فاتخذت بعض أعماله تكأة لتمزيقه.
وأودنقا الذي ولد عام 1912 الذي قال (إن الحرية لم تأت بعد )
وموديبو كيتا الذي ولد عام 1915
وهوفت بونيه الذي ولد 1905
وأزكوي الذي ولد 1906
وهوفت وأزكوي خمدت فيهما جمرة النضال إزاء ما لقيا من مشقات بالإضافة إلى تقدمهما بالعمر.
وأتى بعدهما نيريري وكيوابوي ولدا معا في عام 1922
ومع هذه الفئة القائدة أتى أوبوتي الذي قلب وجه يوقندا والذي ولد عام 1924
وبعده عبد الرحمن بابو الذي ولد في عام 1922 .
وكاوندا الذي ولد في عام 1924 مع أوبوتي والذي قلب وجه زنجبار بحيويته السياسية والجسدية
وسيكوتوري الذي ناضل ليبقى .
إذن إن تاريخ الفكر والعمل الإفريقي ليس بالحداثة التي يعتقدها بعض الناس.
إن تاريخ الفكر بدأ مع تمبكتو وجن وسفالا وكلوا وسار نحو فوديو وشاكا ولوقنبولا وما انقطع المسار يوماً إلى أن حمل الشعلة أزكوي ونكروما ونيريري وكمبابوي وسيكوتوري ،موكب متحرك لا انفصام فيه وإن اختلفت ألوانه وتعددت وسائل تعبيره عن واقعه ومثاله بمر الزمان والأحداث .
كما إن القارة في صخب فكري الآن ومنذ بداية القرن العشرين بدأت الآفاق تتفتح والفكر يزدهر في إفريقيا ولم يطول بها الوقت إلى أن وصلت إلى مكانا آمناً فكرياً على الرغم من كثرة أصابع الواغلين فيها.
إذن الأفريقي عاش عصر النهضة الأولى على أيام العلم والمعرفة في جن وتمبكتو وسفالا الزاهرة بالتجارة والثقافة الخليط ،واختفت نهضته في القرن الخامس عشر وكانت في طريقها لتبنى أمجادها على النحو الذي فعلت أوروبا في ذلك العهد ونهضت مرة أخرى في القرن التاسع عشر وقد يقظت بعد ذهول ولم تستخدم أمام سلاح الأوروبي القاهر بل خرت صريعة في الميدان حتى كانت القومية الإفريقية في العهد الأخير وهي الحركة التي قامت على هاتين النهضتين واضحة المعالم والسمات والماضي البعيد يتراءى له ولا يكاد يمسكه وإن كان قد شرع في التعرف على سماته كما ترى في الذي يكتبه بعض الباحثين الأمريكيين والأوروبيين حيث يضعون القواعد للقومية التي قاومتها أوروبا بكل سلاح،تحدوها قوله أرسطو المعلم الأول حتى في هذه يسوق النصح للأغريق عند استعمارهم لبرقة وقرطاجنة ((فتتوا القوم قبائل وجماعات ،أزيلوا من على أرضهم السمات التي تتصف بها القومية في كل مكان تستعمروه لتذب على أيديكم عباداتهم طقوسهم الدينية الخاصة بهم ،ألحقوهم بالعقيدة العامة عندنا بعبارة أوجز اعملوا ما في طوقكم ليذوب في كيانكم كيانهم ولتنسفوا كل سلطة لعاداتهم القديمة))
وفعلوا بل تبعوا النصح خطوة خطوة تعززه تجاربهم منذ أرسطو فقد كان العهد الكلاسيكي طفلاً بالقياس لعصر التوسع الأوروبي الذي بدأ واهناً يتحسس الطريق في القرن الخامس عشر واكتسى عافية وشهوة للرخاء والرفاه على عهد الثورة الصناعية وعار كما يقول الأفارقة لا يهاب شيئاً قوته المادية الآلية أداته يضرب بها حيث شاء أنى شاء مبرره الشفاف (عبء الرجل الأبيض
منقول والسلام عليكم ورحمة الله
الأربعاء يونيو 22, 2016 6:44 pm من طرف khaled
» القضاء الاداري يصدر حكما بإلغاء اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية
الثلاثاء يونيو 21, 2016 5:25 pm من طرف khaled
» جبتلكو سلسلة رويات رجل المستحيل المعروفة للتحميل المباشر
الإثنين ديسمبر 28, 2015 5:53 pm من طرف abazer
» العلاقات المصرية السودانية في عهد محمد علي وخلفاؤه
الجمعة يناير 17, 2014 10:28 am من طرف khaled
» انجولا وحظر الاسلام (1)
الخميس نوفمبر 28, 2013 12:21 pm من طرف Ibrahimovech
» التفسير الاقتصادي للتاريخ
الأربعاء يونيو 19, 2013 1:34 am من طرف khaled
» كرسي العناد ........ السلطة سابقا
الثلاثاء يناير 29, 2013 5:56 pm من طرف khaled
» جمهورية جزر القُمر الاسلامية الفيدرالية دراسة جغرافية
الأحد يناير 06, 2013 2:21 am من طرف khaled
» بعض الفروق السياسية بين المجلس العسكري الي حكم مصر بعد الثورة وبين الاخوان لما وصلوا للحكم
الأربعاء نوفمبر 28, 2012 6:14 pm من طرف khaled